قال الحافظ:"وليس الحصر مرادًا من قوله: "ثلاث"؛ لثبوت نوع رابع في حديث أبي هريرة في الباب، وهو حديث النفس، وليس في حديث أبي قتادة، وأبي سعيد الماضيين سوى ذِكر وَصْف الرؤيا بأنها مكروهة، ومحبوبة، أو حسنة وسيئة.
وبقي نوع خامس، وهو تلاعب الشيطان، وقد ثبت عند مسلم من حديث جابر قال: "جاء أعرابيّ، فقال: يا رسول الله رأيت في المنام؛ كأن رأسي قُطِع، فأنا أتبعه"، وفي لفظ: "فقد خرج، فاشتددت في أثره، فقال: لا تُخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام"، وفي رواية له: "إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يُخبر به الناس".
ونوع سادس: وهو رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة؛ كمن كانت عادته أن يأكل في وقت، فنام فيه، فرأى أنه يأكل، أو بات طافحًا من أكل، أو شرب، فرأى أنه يتقيأ، وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص.
وسابع: وهو الأضغاث.
قوله: "فمن رأى شيئًا يكرهه، فلا يقصه على أحد، ولْيَقُم، فليصلّ"، زاد في رواية هَوْذة: "فإذا رأى أحدكم رؤيا تُعجبه، فليقصها لمن يشاء، وإذا رأى شيئًا يكرهه … " فذكر مثله، ووقع في رواية أيوب عن محمد بن سيرين: "فليصلّ، ولا يحدِّث بها الناس"، وزاد في رواية سعيد بن أبي عروبة، عن ابن سيرين عند الترمذيّ: "وكان يقول: لا تقص الرؤيا إلَّا على عالم، أو ناصح"، وهذا ورد معناه مرفوعًا في حديث أبي رزين، عند أبي داود، والترمذيّ، وابن ماجة: "ولا يقصها إلَّا على وادٍّ، أو ذي رأي".
قوله: "قال: وكان يَكره الْغُلّ في النوم، ويعجبهم القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين" كذا ثبت هنا بلفظ الجمع في "يعجبهم"، والإفراد في "يَكرَه"، و"يقول"، قال الطيبيّ: ضمير الجمع لأهل التعبير، وكذا قوله: "وكان يقال"، قال المهلَّب: الغل يُعَبَّر بالمكروه؛ لأنَّ الله أخبر في كتابه أنه من صفات أهل النار بقوله تعالى:{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} الآية [غافر: ٧١]، وقد يدلّ على الكفر، وقد يعبَّر بامرأة تؤذي.
وقال ابن العربيّ: إنما أحبوا القيد؛ لِذِكر النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- له في قسم