للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التفصيلات لإطلاق حديث الباب، فليُتأمل بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقوله: "إذا اقترب الزمان لَمْ يَكَد رؤيا المؤمن تَكْذِب" كذا للأكثر، ووقع في رواية أبي ذرّ عن غير الكشميهنيّ بتقديم "تكذب" على "رؤيا المؤمن"، وكذا في رواية محمد بن يحيي، وكذا في رواية عيسى بن يونس، عن عوف عند الإسماعيليّ، قال الخطابيّ في "المعالم" في قوله: "إذا اقترب الزمان" قولان:

أحدهما: أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار، وهو وقت استوائهما أيام الربيع، وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبًا، وكذلك هو في الحديث، والمعبِّرون يقولون: أصدق الرؤيا ما كان وقت اعتدال الليل والنهار، وإدراك الثمار، ونقله في غريب الحديث عن أبي داود السجستانيّ، ثم قال: والمعبِّرون يزعمون أن أصدق الأزمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الأزهار، وإدراك الثمار، وهما الوقتان اللذان يعتدل فيهما الليل والنهار.

والقول الآخر: أن اقتراب الزمان انتهاء مدته إذا دنا قيام الساعة.

قال الحافظ: يُبعد الأول التقييد بالمؤمن، فإن الوقت الذي تعتدل فيه الطبائع لا يختصّ به، وقد جزم ابن بطال بأن الأول (١) هو الصواب، واستند إلى ما أخرجه الترمذيّ من طريق معمر، عن أيوب في هذا الحديث، بلفظ: "في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا"، قال: فعلى هذا فالمعنى إذا اقتربت الساعة، وقُبض أكثر العلم، ودَرَست معالم الديانة بالهرْج والفتنة، فكان الناس على مثل الفترة محتاجين إلى مذكِّر، ومجدِّد لِمَا دَرَس من الدين، كما كانت الأمم تُذَكَّر بالأنبياء، لكن لمّا كان نبيّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خاتم الأنبياء، وصار الزمان المذكور يشبه زمان الفترة، عُوِّضوا بما مُنِعوا من النبوة بعده بالرؤيا الصادقة التي هي جزء من النبوة الآتية بالتبشير والإنذار. انتهى.

ويؤيده ما أخرجه ابن ماجة من طريق الأوزاعيّ، عن محمد بن سيرين، بلفظ: "إذا قرب الزمان"، وأخرج البزار من طريق يونس بن عبيد، عن محمد بن


(١) هكذا نسخة "الفتح" "بأن الأول"، والظاهر أن الصواب: "بأن الثاني هو الصواب". فليُتأمل.