للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

موته، فلم يخلُف ما يورث عنه، فلم يورث، وعلى تقدير أنه خَلَّف شيئًا مما كان يملكه، فدخوله في الخطاب قابل للتخصيص؛ لِمَا عُرِف من كثرة خصائصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد اشتَهَرَ عنه أنه لا يورث، فظهر تخصيصه بذلك دون الناس.

وقيل: الحكمة في كونه لا يورث: حسم المادّة في تمني الوارث موت المورِّث، من أجل المال، وقيل: لكون النبيّ كالأب لأمته، فيكون ميراثه للجميع، وهذا معنى الصدقة العامّة. انتهى (١).

٢ - (ومنها): ما قاله ابن الْمُنَيِّر - رَحِمَهُ اللهُ - في "الحاشية": يستفاد من الحديث أن من قال: داري صدقةٌ، لا تورث أنَّها تكون حَبْسًا، ولا يحتاج إلى التصريح بالوقف، أو الحبس، قال الحافظ: وهو حسن، لكن هل يكون ذلك صريحًا، أو كناية يحتاج إلى نية؟. انتهى (٢).

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - عند قوله: "مما أفاء الله عليه بالمدينة، وفَدَك": كانت الأراضي التي تصدق بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صارت إليه بثلاثة طرق:

[أحدها]: ما وَصّى له به عند موته مُخَيْريق اليهوديّ لَمّا أسلم يوم أُحد، وكانت سبعة حوائط في بني النضير، وما أعطاه الأنصار من أراضيهم.

[والثاني]: حقه من الفيء من سائر أرض بني النضير، حين أجلاهم، وكذلك نصف أرض فدك، صالح أهلها على النصف بعد حنين، وكذلك ثلث أرض وادي القري، صالح عليه يهود، وكذلك حصنان من حصون خيبر: الوَطِيح، والسُّلالم، فَتَح أحدهما صلحًا، وأجلى أهلها.

[والثالث]: سهمه من خمس خيبر، وما افتتح منه عنوة، وهو حصن الكتيبة، خرج كله في خمس الغنيمة منها، وأقسم الناس سائرها؛ حكاه أبو الفضل عياض.

فهذه الأراضي التي وصلت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان يأخذ منها حاجة


(١) "الفتح" ١٥/ ٤٢٦ - ٤٢٧، كتاب "الفرائض" رقم (٦٧٢٩).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٢٦ - ٤٢٧، كتاب "الفرائض" رقم (٦٧٢٩).