للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عياله، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، وهي التي تصدَّق بها، حيث قال: "ما تركت بعد نفقة نسائي، ومؤنة عاملي فهو صدقة"، فلما مات عمل فيه أبو بكر - رضي الله عنه - كذلك، ثم عمر، ثم عثمان، غير أنه يُروى: أن عثمان أقطع مروان فدك، وهو مما نُقم على عثمان، قال الخطابيّ: لعل عثمان تأوّل قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أطعم الله نبيًّا طُعمةً فهي للذي يقوم من بعده" (١)، فلما استغنى عثمان عنها بماله، جعلها لأقربائه.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأولى من هذا أن يقال: لعل عثمان - رضي الله عنه - دفعها له على جهة المساقاة، وخَفِي وجه ذلك على الراوي، فقال: أقطع، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا التأويل الذي ذكره القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - فيما عمل به عثمان - رضي الله عنه - هو المتعيّن؛ تحسينًا للطن به - رضي الله عنه -، فتنبّه، ولا تنغرّ بما يُثيره المنحرفون، والله تعالى المستعان.

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا عند قوله: "فوَجَدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته … إلخ": لا يُظَنّ بفاطمة - رضي الله عنها - أنَّها اتَّهَمَت أبا بكر فيما ذكره عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكنها عَظُم عليها ترك العمل بالقاعدة الكلية، المقررة بالميراث، المنصوصة في القرآن، وجوّزت السهو والغلط على أبي بكر، ثم إنها لَمْ تلتق بأبي بكر لِشُغلها بمصيبتها برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولملازمتها بيتها، فعبَّر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"، وهي أعلم الناس بما يَحِلّ من ذلك ويَحْرُم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسيدة نساء أهل الجَنَّة؟. انتهى (٣).

٥ - (ومنها): في هذا الحديث بيان صحة خلافة أبي بكر وانعقاد الإجماع عليها.

٦ - (ومنها): أن في قوله: "فلما صلّى أبو بكر - رضي الله عنه - صلاة الظهر …


(١) رواه البيهقيّ في "السنن الكبرى" ٦/ ٣٠١ - ٣٠٣.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٦٧ - ٥٦٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٥٦٨ - ٥٦٩.