للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

احتماله بلا مشقة، ولا تكون فيه مفسدة، وعلى هذا يُحْمَل الأمر بإبرار القسم في الحديث (١).

(فَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) - رضي الله عنه - (ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكً خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ) - بفتح الفاء من "ننفس" أي: لم نحسُدك على الخلافة، يقال: نَفِست - بكسر الفاء - أنفس - بالفتح، من باب تعب - نَفَاسَةً، وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: ونَفِسَ به، كفَرِحَ: ضَنَّ، وعليه بخير: حَسَدَ، ونَفَس عليه الشيءَ نَفَاسَةً: لم يره أهلًا له. انتهى (٢).

(وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ)، و"استبددت" بِدالَيْن، كذا هو في الرواية، قال في "الفتح": وفي رواية غير أبي ذرّ: "واستبدت" بدال واحدة، وهو بمعناه، وأُسقطت الثانية تخفيفًا؛ كقوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: ٦٥]، أصله: ظللتم؛ أي: لم تشاورنا، والمراد بالأمر: الخلافة. (وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى) بضمّ النون، ويجوز فتحها؛ أي: نظنّ (لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا)؛ أي: لأجل قرابتنا (مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)، وفي رواية البخاريّ: "وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصيبًا"؛ أي: حظًّا لنا في هذا الأمر.

(فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ)؛ أي: لم يزل عليّ - رضي الله عنه - يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى فاضت عينا أبي بكر - رضي الله عنه - من الرقة، قال المازريّ: ولعل عليًّا أشار إلى أن أبا بكر استبدّ عليه بأمور عظام، كان مِثْله عليه أن يُحضره فيها، ويشاوره، أو أنه أشار إلى أنه لم يستشره في عقد الخلافة له، أوّلًا، والعذر لأبي بكر - رضي الله عنه - أنه خَشِيَ من التأخر عن البيعة الاختلافَ لِمَا كان وقع من الأنصار، كما هو مشهور في حديث السقيفة، فلم ينتظروه. (فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي) إنما قال أبو بكر - رضي الله عنه - هذا معتذرًا عن منعه القسمة، وأنه لا يلزم منها أن لا يصلهم ببرّه من جهة أخرى، ومحصّل كلامه أن قرابة الشخص مقدّمة في برّه إلا إن عارضهم في ذلك من هو أرجح منهم، قاله في "الفتح" (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٧٨ - ٧٩.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٣٠٤.
(٣) "الفتح" ٩/ ٩٥، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٣٥).