(وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)؛ أي: وقع من الاختلاف والتنازع (مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ)؛ أي: التي تركها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أرض خيبر وغيرها، (فَإِنِّي لَمْ آلُ)؛ أي: لم أُقصِّر (فِيهِ عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ) بالرفع مبتدأ وخبره، ويجوز النصب على الظرفيّة، ويتعلّق بخبر محذوف؛ أي: كائن العشيّة، والعشيّ، والعشيّة: من زوال الشمس، ومنه الحديث:"صلى إحدى صلاتي العشيّ: إما الظهر، وإما العصر"، والله تعالى أعلم.
(لِلْبَيْعَة، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (صَلَاةَ الظُّهْرِ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ) - بكسر القاف، بعدها تحتانية - أي: علا، وحَكَى ابن التين أنه رآه في نسخة بفتح القاف، بعدها ألف، وهو تحريف، قاله في "الفتح"(١).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "رقِيَ على المنبر": هو بكسر القاف، يقال: رَقِيَ يَرْقَى، كعَلِم يَعْلَم. انتهى.
(فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَة، وَعُذْرَهُ) - بضم العين، وإسكان الذال؛ عطفًا على مفعول "وذَكَرَ"، (بِالَّذِي اعْتَذَرَ اِلَيْه، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ) زاد في رواية معمر المذكورة: "وذَكَر فضيلته، وسابقيّته، ثم مضى إلى أبي بكر، فبايعه"، (وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً)؛ أي: حسدًا (عَلَى أَبِي بَكْر، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِه، وَلَكنَّا كُنَّا نَرَى) بالضمّ، أو الفتح، (لَنَا فِي الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ) ببناء الفعل للمفعول، و"علينا" هو النائب عن الفاعل، ويَحْتَمل أن يكون بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير أبي بكر - رضي الله عنه -. (فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا)؛ أي: غضبنا عليه بسبب ذلك، (فَسُرَّ) بالبناء للمفعول، (بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ)؛ أي: وُفّقت للصواب، (فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ) - رضي الله عنه - (قَرِيبًا)؛ أي: كان وُدّهم له قريبًا، (حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ)؛ أي: من الدخول فيما دخل فيه الناس.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أما تأخر عليّ - رضي الله عنه - عن البيعة فقد ذكره عليّ - رضي الله عنه - في هذا الحديث، واعتذر إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، ومع هذا فتأخره ليس بقادح في