للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: ظاهر هذا: أنَّه لم يزد على الأربعين، وفي البخاريّ من حديث المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود وذكر هذا الحديث طويلًا، وقال في آخره: إن عليًّا جلد الوليد ثمانين، وهذا تعارُض، غير أن حديث حُضَين - يعني: المذكور هنا - أَولى، لأنَّه مُفَصَّلٌ في مقصوده، حسنٌ في مساقه، ساقه راويه مساق الْمُتثبِّت، والأقرب أن بعض الرواة وَهِمَ في حديث المسور، فوضع "ثمانين" مكان "أربعين". انتهى (١).

وقال الحافظ في "الفتح": قوله: "فجلده ثمانين" في رواية معمر: "فجلد الوليد أربعين جلدةً"، وهذه الرواية أصحّ من رواية يونس، والوَهَم فيه من الراوي عنه، شبيب بن سعيد، ويرجّح رواية معمر ما أخرجه مسلم من طريق أبي ساسان - يعني: حُضينًا - ثم ذكر رواية مسلم هذه. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: وقع هنا في مسلم ما ظاهره أن عليًّا جلد الوليد بن عقبة أربعين، ووقع في "صحيح البخاري" من رواية عبد الله بن عديّ بن الخيار أن عليًّا جلد ثمانين، وهي قضية واحدة، قال القاضي عياض: المعروف من مذهب عليّ - رضي الله عنه - الجلد في الخمر ثمانين، ومنه قوله: "في قليل الخمر وكثيرها ثمانون جلدة"، ورُوي عنه أنه جَلَد المعروف بالنجاشيّ ثمانين، قال: والمشهور أن عليًّا - رضي الله عنه - هو الذي أشار على عمر بإقامة الحدّ ثمانين، كما سبق عن رواية "الموطأ" وغيره، قال: وهذا كله يرجح رواية مَن رَوَى أنه جلد الوليد ثمانين، قال: ويُجمَع بينه وبين ما ذكره مسلم من رواية الأربعين بما رُوي أنه جلده بسوط له رأسان، فضربه برأسه أربعين، فتكون جملتها ثمانين، قال: ويَحْتَمِل أن يكون قوله: "وهذا أحب إليّ" عائدًا إلى الثمانين التي فعلها عمر - رضي الله عنه -، قال النوويّ: فهذا كلام القاضي، وقد قدّمنا ما يخالف بعض ما قاله، وذكرنا تأويله، والله أعلم. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: ما مال إليه القاضي من ترجيح القول بأن


(١) "المفهم" ٥/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٢) راجع: "الفتح" ٨/ ٣٩٨، كتاب "فضائل الصحابة" رقم (٣٦٩٦).
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ٢١٩ - ٢٢٠.