للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لها أهل الفضل، والعدل؛ إذا أمكن ذلك مخافة التعدِّي في الحدود. وقد وقع في زماننا من جلد في الخمر ثمانين، فتعدَّى عليه الضاربُ، فقتله بها، وحُرْمةُ دم المسلم عظيمة، فتجب مراعاتها بكل ممكن. انتهى (١).

(فَقَالَ عَلِيُّ) - رضي الله عنه - (قُمْ يَا حَسَنُ) يعني: ولده السبط - رضي الله عنه -، (فَاجْلِدْهُ) فيه دليل على أن من استنابه الإمام في أمر، فله أن يستنيب من يتنزّل منزلته في ذلك الأمر. (فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: الحارّ: الشديد المكروه، والقاز: البارد الهنيء الطيِّب، وهذا مَثَل من أمثال العرب، قال الأصمعيّ، وغيره: معناه: وَلِّ شِدّتها، وأوساخها من تولى هنيئها، ولذّاتها، والضمير عائد إلى الخلافة والولاية؛ أي: كما أن عثمان - رضي الله عنه - وأقاربه يتولّون هنيء الخلافة، ويختصون به، يتولّون نَكَدَها، وقاذوراتها، ومعناه: ليتولَّ هذا الجَلْد عثمان بنفسه، أو بعض خاصة أقاربه الأدنَيْنَ، والله أعلم. انتهى (٢).

(فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ)؛ أي: كأن عليًّا - رضي الله عنه - غَضِب على ولده الحسن - رضي الله عنه - لأجل توقّفه فيما أمره به، وتعريضه بالأمراء، (فَقَالَ) عليّ - رضي الله عنه -، وهذا هو الظاهر، وقال القرطبيّ: يَحْتَمِل أن يكون الآمر لعبد الله عليًّا، فكأنه أعرض عن الحسن لَمَّا توقف، ويَحْتَمِل أن يكون الحسن استناب عبد الله فيما أمره به عليِّ طلبًا لرضا عليّ - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم (٣).

(يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ) يعني: ابن أبي طالب الهاشميّ، أحد الأجواد، وُلد بأرض الحبشة، وهو صحابيّ ابن صحابيّ - رضي الله عنهما -، مات سنة ثمانين، وهو ابن ثمانين، تقدّمت ترجمته في "الحيض" ١٩/ ٧٨٠. (قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ)؛ أي: جلد عبدُ الله بن جعفر الوليدَ، وقوله: (وَعَلِيٌّ يَعُدُّ) بفتح حرف المضارعة، وضمّ العين المهملة، مضارع عدّ، من العدّ، والجملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: والحال أن عليّ - رضي الله عنه - يعد تلك الضربات، (حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ) جلدةً (فَقَالَ) عليّ - رضي الله عنه - لعبد الله: (أَمْسِكْ) بقطع الهمزة: أمر من الإمساك رباعيًّا، يقال: أمسك عن الأمر: إذا كفّ عنه، والمعنى هنا: كُفّ عن الضرب، واتركه.


(١) "المفهم" ٥/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٢١٩.
(٣) "المفهم" ٥/ ١٣٥.