للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عليًّا - رضي الله عنه - جلد الوليد ثمانين، مخالف لِمَا عليه المحقّقون، والصحيح أن رواية البخاريّ أنه جلده ثمانين وَهَمٌ من بعض رواته، وهو شبيب بن سعيد، والصحيح أنه جلده أربعين، كما تقدّم تحقيقه عن الحافظ وغيره، فتنبّه، والله تعالى وليّ التوفيق.

(ثُمَّ قَالَ) عليّ - رضي الله عنه - مبيّنًا سبب أمره بالإمساك، وعدم الزيادة علي الأربعين: (جَلَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ) قال النوويّ رحمه الله: معناه أن فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر سنةٌ يُعْمَل بها، وكذا فِعل عمر، ولكن فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر أحبّ إليّ. انتهى (١).

وقوله: (وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ) إشارة إلى الأربعين التي جلدها، وقال للجلّاد: أمسك، ومعناه: هذا الذي قد جلدته، وهو الأربعون أحبّ إليّ من الثمانين؛ لكونه فِعْل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر - رضي الله عنه -.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "وهذا أحبُّ إليّ" ظاهره أنَّه أشار إلى الأربعين التي أَمر بالإمساك عليها، وقد رُوي: أن المعروف من مذهبه الثمانون، فيكون له في ذلك القولان، لكنه دام هو على الثمانين لَمّا كَثُر الإقدام على شرب الخمر.

وحاصل هذا الاختلاف في الأحاديث، وبين الصحابة راجع إلى أنه لم يتقدَّر في الخمر حدٌّ محدود، وإنما كان الأدب والتعزير، لكن استقرّ الأمر: أن أقصى ما بلغ فيه إلى الثمانين، فلا يُزاد عليها بوجه، وقد نصَّ على هذا المعنى السائب بن يزيد - رضي الله عنه - فيما خرَّجه البخاريّ قال: كنَّا نُؤتَى بالشارب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإِمرة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عَتَوا وفَسَقُوا جلد ثمانين، وعلى هذا فلا ينبغي أن يُعْدَل عن الثمانين؛ لأنَّه الذي استقرَّ عليه آخر أمر الصحابة أجمعين. انتهى (٢).

وقوله: (زَادَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرِ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ) يعني: ابن عُليّة، (وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ الدَّانَاجِ مِنْهُ)؛ أي: من الداناج نفسه، (فَلَمْ أَحْفَظْهُ) يعني:


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ١٣٦ - ١٣٧.