للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عَتَوْا، وفَسَقُوا جلد ثمانين". انتهى (١).

(فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ)؛ أي: أَمَر عمر - رضي الله عنه - بجلد شارب الخمر ثمانين جلدةً.

قال العلامة ابن الملقّن رحمهُ اللهُ: إنما استشار عمر - رضي الله عنه - الناس في ذلك؛ لأن في زمنه فُتح الشام، والعراق، وسكن الناس في مواضع الخِصْب، وسعة العيش، وكثرت الأعناب، والثمار، فأكثروا من شُرب الخمر، فزاد عمر - رضي الله عنه - حدّها؛ زجرًا لشاربها، وتغليظًا عليهم، وكان ذلك سنّة ماضيةً، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فعليكم بسُنّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضّوا عليها بالنواجذ" (٢)، وقال أيضًا: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر" (٣)؛ أي: بكل واحد منهما، ولهذا عمِل عثمان - رضي الله عنه - بهذا مرّة، وبالأول أخرى، وقال عليّ - رضي الله عنه -: "كلٌّ سنّة أي: لأن الأربعين فعلُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والصدّيق - رضي الله عنه -، والثمانين فعل عمر - رضي الله عنه - بإجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وهو المعروف من مذهب عليّ - رضي الله عنه -، وهذا منه - رضي الله عنه - دالّ على اعتقاده حقيّة كونهما خليفتين، وأن فِعلهما سنّة، وأمْرهما حقّ، خلاف ما تَكْذِبه الشيعة عليه. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا دون قصّة استشارة عمر - رضي الله عنه - متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [٩/ ٤٤٤٤ و ٤٤٤٥ و ٤٤٤٦ و ٤٤٤٧ و ٤٤٤٨] (١٧٠٦)، و (البخاريّ) في "الحدود" (٦٧٧٣ و ٦٧٧٦)، و (أبو داود) في "الحدود" (٤٤٧٩)، و (الترمذيّ) في "الحدود" (١٤٤٣)، و (النسائيّ) في


(١) "الفتح" ١٥/ ٥١٨ - ٥٢١، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٧٣).
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، والبيهقيّ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبيّ.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه.
(٤) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٩/ ٢٢٥ - ٢٢٦.