للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مرات. قال: فرأى المسلمون أن الحدّ قد وقع، وأن القتل قد رُفع.

فيحصُل من هذا الحديث معرفة التاريخ ومعرفة إجماع المسلمين على رفع القتل (١)، ومن حُكي عنه خلاف ذلك فإنما هو خلاف متأخر مسبوق بالإجماع المتقدم.

وقد عَضَد حديث جابر ما خرَّجه البخاريّ من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن رجلًا كان اسمه: عبد الله، وكان يلقب حمارًا، وكان يُضْحِك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا، فأمَر به فجُلد. فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت: إلا أنه يحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -"، وظاهره: أن هذا الشارب شرب أكثر من أربع مرَّات، ثم لم يقتله، بل شهد له: أنَّه يحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٢).

(بِجَرِيدَتَيْنِ) تثنية جريدة، واحدة الجريد، وهو سَعَفُ النخل، فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما تُسَمَّى جريدةً إذا جُرّد عنه خُوصها (٣).

وقال العلامة ابن الملقّن رحمهُ اللهُ: اختُلف في معنى قوله: "بجريدتين" على قولين:

أحدهما: أن الجريدتين كانتا مفردتين، جَلَد بكلّ واحدة منهما عددًا حتى كمّله من الجميع أربعين، وهذا تأويل أصحابنا.

والثاني: أن معناه أنه جمعهما، وجَلَده بهما أربعين جلدةً، فيكون المبلغ ثمانين، وهذا تأويل من يقول: جَلْد الخمر ذلك المقدار، والأول أظهر؛ لأن الرواية الأخرى الثانية في "صحيح مسلم" مبيّنة لهذه، وهي: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين". انتهى (٤).


(١) دعوى الإجماع محلّ نظر، فقد ألَّف الشيخ أحمد محمد شاكر رحمهُ اللهُ رسالة جمع فيها طرق الحديث، وسمّاها: "كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر"، فراجعها، تستفد.
(٢) "المفهم" ٥/ ١٢٧ - ١٢٩.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٩٦.
(٤) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٩/ ٢٢٢.