للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أخرجها النسائيّ من المزيد في متصل الأسانيد، قاله في "الفتح" (١).

(أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بِرَجُلٍ) قال الحافظ رحمهُ اللهُ: لم أقف على اسمه صريحًا، لكن سأذكر ما يؤخذ منه أنه النعيمان. (قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ) هي الشراب المعروف، وهي مؤنّثة على اللغة الفصيحة المشهورة، وذكر أبو حاتم السجستانيّ في كتابه "المذكّر والمؤنّث" في موضعين منه أن قومًا فُصحاء يذكّرنها، قال: سمعت ذلك ممن أثق به منهم، وذكرها أيضًا بن قُتيبة في "أدب الكاتب" فيما جاء فيه لغتان التذكير والتأنيث، قاله ابن الملقّن رحمهُ اللهُ (٢).

(فَجَلَدَهُ) قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: ظاهره يقتضي أن شرب الخمر بمجرَّده موجبٌ للحدِّ؛ لأن الفاء للتعليل، كقولهم: سها فسجد، وزَنَى فرُجِم. وهو مذهب الجمهور من الصحابة وغيرهم. ولم يفرِّقوا بين شرب خمر العنب وغيره، ولا بين شرب قليله وكثيره؛ إذ الكل خمر، كما قدَّمناه، وللكوفيين تفصيل ينبني على ما تقدَّم ذِكره في باب تحريم الخمر. وهو: أن من شرب شيئًا من خمر العنب النيِّئة وجب عليه الحدّ، قليلًا كان أو كثيرًا، لأن هذا هو المجمَع عليه، فإن شرب غيره من الأشربة فسَكِر: حُدَّ، وهذا أيضًا مجمَع عليه، فإن لم يَسْكَر لم يُحدَّ عندهم. وكذلك قالوا في مطبوخ العنب. وذهب أبو ثور: إلى أن من رأى تحريم القليل من النبيذ جَلَد ومن لم يره لم يَجْلد؛ لأنَّه متأوِّل. وقد مال إلى هذا الفرق بعض شيوخنا المتأخرين. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور بما سبق ذِكره في باب تحريم الخمر، وبدليل قوله: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه"، فعلَّق الحكم على نفس شُرب ما يقال عليه خمر، ولم يفرّق بين قليل، ولا كثير، وقد بيَّنَّا: أن الكل يقال عليه خمر لغة وشرعًا، بالطرق التي لا مدفع لها.

فأما قتل الشارب في الرابعة: فمنسوخ بما روي من حديث جابر الذي خرَّجه النسائي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بنعيمان، فضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع


(١) "الفتح" ١٥/ ٥١٧، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٧٣).
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٩/ ٢٢٣.