للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: "فذكرته" ما يدُلّ على أنه قاله ابتداءً قبل تقدُّم علم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - به، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَقَتَلْتَهُ؟ ") قال ابن التين رحمه الله تعالى: في هذا اللَّوْم تعليم، وإبلاع في الموعظة حتى لا يُقْدِم أحدٌ على قتل مَن تلفظ بالتوحيد.

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: في تكراره القول إنكار شديد، وزجرٌ وَكِيدٌ، وإعراضٌ عن قبول عذر أسامة الذي أبداه بقوله: "إنما قالها خوفًا من السلاح". انتهى.

(قَالَ) أسامة (قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّمَا قَالَهَا) أي كلمة التوحيد (خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ) وفي رواية حصين الآتية: "إنما كان مُتَعَوِّذًا"، وفي رواية ابن أبي عاصم من وجه آخر، عن أسامة: "إنما فَعَلَ ذلك لِيَحْرِز دمه".

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِه، حَتَّى تَعْلَمَ أَقالَهَا أَمْ لَا؟ ") قال النوويّ رحمه الله تعالى: الفاعل في قوله: "أقالها؟ " هو القلب، ومعناه: أنك إنما كُلِّفتَ بالعمل بالظاهر، وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال: "أفلا شققت عن قلبه"؛ لتنظر هل قالها القلبُ، واعتقدها، وكانت فيه، أم لم تكن فيه، بل جَرَت على اللسان فحسبُ؟، يعني: وأنت لست بقادر على هذا، فاقتصر على اللسان فحسبُ، يعني: ولا تطلب غيره. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى (٢).

(فَمَا زَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ) أي يُعِيد مقالته المذكورة، وقال القرطبيّ: قوله: "يكرّرها": أي كلمة الإنكار، وظاهر هذه الرواية: أن الذي كرّر عليه إنما هو قوله: "أفلا شَقَقتَ عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا؟ "، وفي الرواية الأخرى: أن الذي كرّره عليه إنما هو قوله: "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ "، ووجه التوفيق بينهما أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كرّر الكلمتين


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٠٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٠٤.