للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: وما هو؟ قال: إنما هو يوم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان تركه.

وقد روى مسلم في "صحيحه" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع"، فلم يأت العام المقبل حتى تُوُفّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فهذا فيه أن صومه، والأمر بصيامه قبل وفاته بعام، وحديثه المتقدّم فيه أن ذلك كان عند مَقْدَمه المدينة، ثم إن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخبر أن يوم عاشوراء تُرِك برمضان، وهذا يخالفه حديث ابن عباس المذكور، ولا يمكن أن يقال تُرك فرضه؛ لأنه لم يُفْرَض؛ لما ثبت في "الصحيحين" عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر"، ومعاوية إنما سمع هذا بعد الفتح قطعًا.

وإشكال آخر، وهو أن مسلمًا روى في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه لما قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن هذا اليوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع"، فلم يأت العام القابل حتى تُوُفّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رَوَى مسلم في "صحيحه" عن الحكم بن الأعرج، قال: انتهيت إلى ابن عباس، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرَّم، فاعدُد، وأصبح يوم التاسع صائمًا، قلت: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم.

وإشكال آخر، وهو أن صومه إن كان واجبًا مفروضًا في أول الإسلام، فلمَ لم يأمرهم بقضائه؟ وقد فات تبييت النية له من الليل، وإن لم يكن فرضًا، فكيف أمر بإتمام الإمساك من كان أكل؟، كما في "المسند"، و"السنن" من وجوه متعددة أنه عليه السلام أمر من كان طَعِمَ فيه أن يصوم بقية يومه، وهذا إنما يكون في الواجب، وكيف يصحّ قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: فلما فُرِض رمضان تُرِك عاشوراء، واستحبابه لم يترك؟.

وإشكال آخر، وهو أن ابن عباس جعل يوم عاشوراء يوم التاسع، وأخبر