للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الثاء المثلثة، وبفتحتين- وهو اسم من آثر يؤثر إيثارًا: إذا أعطى، قال ابن الأثير رحمه اللهُ: أراد أنه يُؤثَر عليكم، فيُفَضَّل غيركم من نصيبه من الفيء، ويُرْوَى إِثْرةً -بكسر أوله، مع الإسكان- وهو الانفراد بالشيء المشترَك دون من يشاركه فيه، قاله في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح": والمعنى أنه يُستأثر عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق، وقال أبو عبيد: معناه يُفَضَّل نفسه عليكم في الفيء، وقيل: المراد بالأثرة الشِّدّة، ويرده سياق الحديث وسببه. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "أثرة شديدة" رُوي عن العذريّ، والطبريّ، وهي روايتنا "أَثَرَةً" بفتح الهمزة والثاء، قال أبو عبيد: أي يُستأثَر عليكم، فيُفَضِّل غيركم نفسَهُ عليكم في الفيء، والأثرة: اسم من آثر يُؤثر إيثارًا، قال الأعشى:

اسْتَأثَرَ اللهُ بِالْبَقَاءِ وبِالـ … ـعَدْلِ وَوَلَّى الْمَلَامَةَ الرَّجُلَا

قال: وسمعت الأزهريّ يقول: الأثرة: الاستئثار، والجمع الأَثَر، وعند أبي بحر في هذا الحرف بضمّ الهمزة، وسكون الثاء، وأصل الأثْرة: الفضلُ، قال أبو عبيد: يقال: له عليّ أُثْرةٌ؛ أي فضل، ومعناه قريبٌ من الأول، وقُيّد عن عليّ أبي الحسين بن سراج بالوجهين. انتهى (٣).

(فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللهَ) عزَّ وجلَّ (وَرَسُولَهُ) - صلى الله عليه وسلم -؛ أي يوم القيامة (فَإنِّي عَلَى الْحَوْضِ") أي اصبروا حتى تموتوا، فإنكم ستجدونني عند الحوض، فيَحْصُل لكم الانتصاف ممن ظلمكم، والثواب الجزيل على الصبر (قَالُوا: سَنَصْبِرُ) أي على ما يلقانا من الإيثار علينا، ويواجهنا من المكروه، وسيأتي في الرواية التالية قول أنس - رضي الله عنه - في آخر الحديث: "فلم نَصْبِر وفي رواية: "فلم يَصْبِروا"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٩.
(٢) "الفتح" ٩/ ٤٦٣.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٠٤ - ١٠٥.