للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بحال من اسم الإشارة؛ أي حال كونه من جملة مقولهم (فَأَرْسَلَ إِلَى الأنصَارِ) ببناء الفعل للفاعل؛ أي أرسل النبىّ - صلى الله عليه وسلم - رسولًا ليجتمعوا عنده (فَجَمَعَهُمْ) ذلك الرسول، أو أمر - صلى الله عليه وسلم - بجمعهم (فِي قُبَّةٍ) أي خيمة (مِنْ أَدَمٍ) بفتحتين؛ أي من جلد (فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "مَا حَدِيثٌ) أي أَيُّ شيء خبر عظيم (بَلَغَني عَنْكُمْ؟ "، فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الأنصَارِ) أي علماؤهم (أمَّا ذَوُو رَأيِنَا) أي أصحاب عقولنا وفهومنا، وفي بعض النسخ: "أما ذوو آرائنا" بالجمع (يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا) أي مما بلغك (وَأمَّا أُنَاسٌ) أي جماعة (مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ) أي جديدةٌ أسنانهم، جمع سِنّ، بمعنى العمر، والمراد منهم الشبان (قَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (يُعْطِي قُرَيْشًا، وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإنِّي أُعْطِي رِجَالًا) حذف المفعول الثاني؛ أي من هذا المال (حَدِيثى عَهْدٍ بِكُفْرٍ) أي قريبي زمن بكونهم كفّارًا (أتألَّفُهُمْ) جملة حاليّة؛ أي حال كوني تألّفًا لهم؛ أي طالبًا إلفتهم بالإسلام بإعطاء المال، لا لكونهم من قريش، أو لغرض آخر من الأحوال.

(أفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ) أي غيركم من المتألَّفة قلوبهم (بِالْأَمْوَالِ) أي بالغنائم التي أُعطوها (وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ) بكسر الراء: جمع رَحْل، بفتح، فسكون: أي منازلكم في المدينة (بِرَسُولِ اللهِ) - صلى الله عليه وسلم - (فَوَاللهِ لَمَا) بفتح اللام، وهي الموطّئة للقسم، و"ما" موصولة؛ أي للّذي (تَنْقَلِبُونَ بهِ) أي ترجعون به إلى رحالكم، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ") أَي من المال؛ لأنه عرض الحياة الدنيا الفانية، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذُخر وكنز عظيم يبقى في الدنيا والآخرة (فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ) أي بلى إن الذي ننقلب به خير من الذين ينقلبون به (قَدْ رَضِينَا) أي رضينا بك عِوَضًا من المال، وفيه تأكيد لما فُهِم من "بلى"، وما أحسن من قال، وأجاد في المقال [من الوافر]:

رَضِينَا قِسْمَةَ الْجَبَّارِ فِينَا … لَنَا عِلْمٌ وَلِلأعْدَاءِ مَالُ

فَإِنَّ الْمَالَ يَفْنَى عَنْ قَرِيبٍ … وَإِنَّ الْعِلْمَ يَبْقَى لَا يَزَالُ (١)

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَإنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أثَرَةً شَدِيدَةً) "الأَثَرَةُ" -بضم الهمزة، وسكون


(١) راجع: "مرقاة المفاتيح" ١١/ ٣٥٩.