للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يطالب المريض بإغماض عينيه أو تغطية وجهه بملاءة من الكتان، وبذلك يستطيع المعالج لمس المريض وفحصه دون خوف أو وجل.

وفي سويسرا وجنوب فرنسا نجد الشعب يتهم اليهود بأنهم سبب انتشار الوباء واستشرائه؛ لذلك هاج القوم اليهود وأحرقوهم. ولا شك في أن مثل هذا الحادث أشنع وأفظع من الوباء وآثاره.

وفي «نازبون» و «كركاسون» اندفعت جموع الشعب، وهاجمت الإنجليز أعداء المملكة فقطعوهم وأشعلوا فيهم النيران. واعتقد آخرون في الوباء وظهوره بأنه أقبل دخانًا خانقًا من السماء، واعتقد «كونرات فون ميجينبرج» أن الزلازل الأرضية التي تفجر الشرايين الأرضية هي التي تسبب الأوبئة التي تصيب الإنسانية. وقال آخرون إن سببه التقاء المشترى بزحل والمريخ في ٢٠ مارس ١٣٤٥ م ظهرًا وفي تمام الساعة الواحدة مساء وتحت درجة ١٤ من الدلو. وفي مقدمة الذين نادوا بهذا الرأي الطبيب البلجيكي «سيمون ده كوفينو». أما الذين يقعون تحت الأفلاك ذات الأثر البعيد التي اشتهرت ببغضها للإنسان مثل زحل فهم الذين يأتيهم الموت. أما الرأي العام فقد عبر عنه «بوكاشيو» في تقريره عن وباء الطاعون الذي حل بالقوم ذلك العام، وقد ذكر «بوكاشيو» في تعليله: «بسبب أثر الأجرام السماوية أو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان مما أغضب الله فقرر إخافة الإنسان الذي مصيره إلى فناء»، وهو يقول أيضًا: «ومما زاد الطين بلة جهل الناس وعدم رغبتهم في الرجوع عن غيهم ... »؛ لذلك يدعو إلى إقامة صلوات التوبة مرات لا مرة واحدة، وفي شكل جماعات كثيرة. وفي المخيمات البشرية لذلك ازداد الوباء تفشيًا. وفي تلك اللحظة يعود عربي بالأمن الضائع -الذي فارق الأوربيين وانطلق إلى السماء- إلى الأرض، وذلك باتخاذ الاحتياطات الضرورية القريبة المنال.

ففي عام ١٣٤٨ م وهو عام الطاعون نجد السياسي والمؤرخ والطبيب الأندلسي الخالد الذكر ذا الرئاستين الفقيه الكاتب أبا عبد الله محمد المعروف بابن الخطيب (١٣١٣ - ١٣٧٤ م) يطلع على العالم المعذب برسالته في الطاعون وأسبابه وعلاجه والوقاية منه ووجوب الاحتياط من العدوى الناتجة عن لمس المريض أو الاختلاط به

<<  <   >  >>