وبخاصة عند جالينوس، بالرغم من أنه ذكر تحليلات هامة تاهت فيها عبقريته؛ لأنه كان حريصًا على إخضاع الحقائق لإثبات صحة نظرياته.
لقد علم الرازي العرب الفحص الحر والتفكير المستقل. أما رسالته في الجدري والحصبة فهي الأولى من نوعها التي صورت هذا المرض تصويرًا علميًا صحيحًا؛ مما اضطر علماء القرن الثامن عشر الميلادي إلى الاعتراف لها بأنها خير رسالة كتبت في هذا الموضوع؛ لأن الرازي استطاع أن يميز بين النقرس وغيره.
أما ابن سينا فهو أول من استخدم التشخيص الخلافي مفرقًا بين الالتهاب الذي يصيب الضلوع والالتهاب الرئوي والألم الذي يصيب الأعصاب الوربية، وخراج الكبد وحالات الالتهابات الأخرى. وابن سينا يفرق بين أعراض مغص المصران والمغص الذي يصيب الكلى، كما أنه خالف مذهب اليونان عند معالجة الشلل وبخاصة شلل الوجه، فقد شخصه ابن سينا وعالجه معتمدًا على أسباب موضعية بخلاف اليونان الذي شخصوه في حدود نظرية العناصر الأربعة وهي المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم، لذلك عالج اليونان الشلل عن طريق الوسائل الحارة، وظلت هذه الوسيلة مستعملة حتى ظهر الطبيب العربي «صاعد بن بشر بن عبدوس» فخالف الأطباء اليونانيين وسفه آراءهم واستخدم طريقة ما زالت مستعملة حتى يومنا هذا «فإنه أخذ المرضى بالفصد والتبريد والترطيب ومنع المرضى من الغذاء فأنجح تدبيره وتقدم في الزمان بعد أن فاصدًا في البيمارستان، وانتهت الرياسة إليه فعول الملوك في تدبيرهم عليه فرفع عن البيمارستان المعاجين الحارة والأدوية الحارة ونقل تدبير المرضى إلى ماء الشعير ومياه البرور، فأظهر في المداواة عجائب».
أما ابن سينا الفيلسوف العظيم فهو أول من تعرف على الحمى الفارسية؛ وكذلك مختلف الأمراض التي يتسبب عنها مرض الصفراء وجودة المدينة وهي الدودة التي قد توجد تحت أنسجة الجلد. أما الطبيب الرازي فقد نهج منهج ابن سينا في العناية بالطب العملي فاكتشف حشرة الجرب، وكيف أنها هي السبب في ظهور هذا المرض الذي اكتشف علاجه ابن زهر في إسبانيا.