النقد لجالينوس ومهاجمته. إلا أن «ميجويل ثروت» كان بطبعه ملحدًا وكل الأدلة تؤيد أن الصورة الكاملة التي رسمها ابن النفيس عالم التشريح العربي للدورة الدموية أغنت الإسباني عن الجري وراءها والبحث عنها وشن حرب على جالينوس.
والشيء العجيب حقًا أن شرح ابن النفيس على قانون ابن سينا، هذا الشرح الذي يعتبره العرب من أحسن ما كتب عن القانون، لم يترجم إلا في الهند. أما المخطوطات العربية لهذا الشرح فما زالت مكدسة مع مئات غيرها في دور الكتب الغربية والشرقية لا يهتم بها عالم أوربي أو آخر عربي حتى ظهر بغتة الشخص الذي يجمع بين إجادة اللغة العربية والمعلومات الطبية الفنية وحقق أمنية ابن النفيس التي ذكرها حيث قال:«لو لم أعلم أن مؤلفاتي ستعيش بعدي حوالي ألف عام ما ألفتها»، لكن المسئولية عن هذا كما يذكرها ناقل الخبر سيؤديها الشخص الذي يريده ابن النفيس.
أما تاريخ كشف العالم العربي الذي ظل مدة طويلة مغمورًا مجهولًا، والذي عاش في القرن الثالث عشر، فإنه يؤيد كيف أن المجهودات العربية العلمية وبخاصة في الطب عظيمة جدًا، وأن الأحكام الارتجالية القائلة إن العرب كانوا عالة على اليونان هراء في هراء، وأن الذين يرددون مثل هذا الادعاء مثلهم مثل الببغاء، والكشف الأخير الذي اهتدى إليه الدكتور التطاوي يثبت أن العلماء العرب أطول باعًا وأعمق بحثًا وأدق نقدًا من زملائهم المسيحيين وبخاصة في العصور الوسطى، كما أن الدكتور التطاوي أثبت أنه لم يبال بآراء العلماء السابقين ولم يكترث بموقفهم أو موقف من جاءوا بعدهم.