للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أما ميخائيل ثروت أو كما يعرف في الإسبانية باسم «ميجويل ثرافيدا»، فقد ولد عام ١٥٠٩ م من أسرة نبيلة في «فيلا نويفا» بأرجون وكان ميلاده يصادف مضي ثمانية عشر عامًا على خروج العرب من إسبانيا، ومعنى ذلك أنه ولد في عصر كان النزاع فيه محتدمًا بين العرب وأعدائهم وانتهى بأيلولة ملكية هذه البلاد الجميلة إلى السادة الجدد واندمج العدد الباقي من المسلمين في المجتمع الجديد. لكن الشيء الجدير بالذكر أن الشبان المسيحيين في ذلك الوقت كانوا قد أقبلوا على الثقافة العربية والآداب العربية إقبالا عظيمًا وذهبوا بعيدًا، فكانوا يفاخرون بإلمامهم باللغة العربية أدبًا وثقافة؛ مما اضطر أسقف قرطبة إلى إبداء أعمق الحزن وأشد الأسف على إقبال المسيحيين على لغة العدو وأدبه. وهو يذكر أيضًا أن جميع الشبان المسيحيين كانوا لا يعنون إلا بالعربية وآداب العرب حتى إن «ميجويل»، مواطن الطبيب «أرنلد» من «فيلا نويفا» كان يجيد اللغة العربية نطقًا وكتابة، وقد استطاع أن يترجم في سهولة كثيرًا من الكتب الطبية العربية دون مساعدة عربي أو يهودي.

ولا عجب إذن إذا قلنا إن المعاهد العليا الأوربية ظلت زهاء ثلاثة قرون تعتمد على المؤلفات العربية فقط، ولا غرابة كذلك إذا أغرى هذا التراث العقلي العربي العدو الذي كان دون العربي عقلًا وثقافة وعلمًا، فأقبل الأوربيون على الاغتراف من حياض المعرفة العربية بالرغم من يقينهم بأن هذه الثقافة قد تكون مصدر خطر عليهم.

أما المذهب المسيحي القائل بالتثليث مثلا، فقد كان له وضع خاص مختلف، فنحن نجد «ميجويل» ولم يتجاوز الخامسة والعشرين ينتقد التثليث انتقادًا مرًا ويهاجمه ويسفه المؤمنين به علمًا بأن معارضي أصول الإيمان المسيحي كانوا عرضة لأشد أنواع التعذيب من الكنيسة وبخاصة أن هذه الأصول الدينية كانت من وضع الكنيسة، لذلك كان المفكرون الأحرار يؤثرون الهرب على الوقوع في قبضة رجال الكنيسة، لذلك نجد «ميجويل» يتنكر تحت اسم آخر ويهرب ويختفي في مطبعة في فرنسا، وهنا التقى بالرجل الذي أخذ بيده وأقحمه في المعركة الخاصة بالعروبة، كما رسم له مستقبل حياته والطريق التي يجب على «ميجويل» السير فيه. هذا الرجل

<<  <   >  >>