الدموية في داخل الرئة (وهذه الحقيقة التي اهتدى إليها ابن النفيس قد ادعاها لنفسه «كولومبو» وقال إنه صاحبها).
٤ - أن أوردة الرئة ليست ممتلئة بهواء أو هباب (كما اعتقد جالينوس، وأضاف على ذلك قوله إن الأوردة تجري في اتجاهات عكسية) بل بالدم.
٥ - أن جدران شرايين الرئة أسمك من جدران الأوردة ومكونة من طبقتين. هذه هي الاكتشافات العظيمة جدًا التي اكتشفها ابن النفيس، وظلت زمنًا طويلا منسوبة إلى ثروت وبخاصة الآتية:
٦ - ليس للحائط الفاصل في القلب مسام، وكل ما في الأمر أن الدم يكون دورة، وبين هذين الحوضين الموجودين في القلب لا توجد ثغرة موصلة وذلك لأن هذا الحائط الفاصل في القلب مغلق وليست به فتحات مرئية كما يعتقد البعض أو غير مرئية كا اعتقد جالينوس، وذلك لأنه ليست للقلب مسام ومادته في تلك الجهة سميكة؛ ولا شك في أن هذا الدم بعد أن يصير رقيقًا يندفع إلى الرئة عن طريق شرايينها ليجوس خلالها ويمتزج بالهواء منقيًا الجزء الدقيق منه، ومن ثم يجري هذا الدم في أوردة الرئة متجهًا إلى الحوضين اليساريين للقلب بعد أن يكون قد امتزج بالهواء.
وهكذا وصفت الدورة الدموية الصغرى وصفًا دقيقًا سهلا يكاد يكون نفس العبارات التي استخدمها فيما بعد «ميخائيل ثروت»، وإن افترق «ثروت» عن ابن النفيس في شيء فإنما في العبارة التي ساقها ويذكر فيها أن لون دم أوردة الرئة أحمر فاتح. فإذا استثنينا هذه الملاحظة التي أوردها «ثروت» الإسباني، فعباراته تتفق مع عبارات ابن النفيس الطبيب المصري. وقد جاءت عبارة ابن النفيس في شرحه الذي وضعه على كتاب القانون لابن سينا والخاص بالتشريح.
فهل هذا الشبه القوي بين الإسباني وابن النفيس العربي جاء صدفة؟ ثم هل عرف «ثروت» الإسباني، الذي اشتهر حتى زمن قريب جدًا بأنه مكتشف الدورة الدموية الصغرى وفاضت كتب تاريخ الطب في أوربا بالحديث عنه بأنه صاحب الفضل في الاهتداء إليها، وشرح ابن النفيس على قانون ابن سينا؟ .