التعليقات، وأخرجت السيدة بطاقة قرأها عبد الله بن سوادة فإذا هي تعرض للحمى المتقطعة التي تعود المريض ربما كل ستة أيام وأحيانًا كل يومين أو أربعة أو كل يوم، وهذه الحالات الثلاث تصحبها قشعريرة ببرودة ويعتاد المريض كثرة التبول فأبدى رأيه وقال:«إن هذه هي عوارض الحمى المتقطعة أو تكون خراجًا في الكلى. وبعد مدة يظهر قيح في بول المريض، لذلك أخبرته أن الحمى لا تعود ثانية، وهكذا كان، والذي عاقني في أول الأمر هو صعوبة تشخيص المرض والتأكد من أن سبب المرض هو وجود خراج في الكلى؛ لذلك رأيت بادئ ذي بدء أن هذه الحمى المتقطعة نشأت عن طريق الالتهاب، وهذا عليل معقول ومقبول، وعلاوة على ذلك فالمريض لم يشك أمامي من الصعوبة التي يلقاها في الحقوين عند القيام، كما لو أن ثقلًا معلقًا فيهما، وقد فاتني أن أسأله عن هذه الحالة. وكثرة التبول عللتها حسبما أعتقد بسبب وجود الخراج في الكلى، فلو كنت أعلم أن والد المريض كان عنده ضعف في المثانة وكان يقاسي من هذا المرض كثيرًا وأن ابنه يعاني من نفس المرض في أيامه العادية عندما كان معافى، فواجبنا أن نعني به عناية خاصة إن شاء الله. وعندما بال المريض القيح مع البول أمرت له باستخدام مدر للبول حتى تخلص البول من القيح، وبعد ذلك وضفت له خلات الألومنيوم وبخورًا و. . .».
وهنا تنتهي الورقة، ومن ثم أمسكت خديجة بورقة أخرى:«أبو بكر بن هلال يشكو آلامًا في المعدة» و «محمد بن عيسى مصاب بالتهاب في مفاصل الحقوين» فلا فائدة من الكشف عليه أو علاجه. وظل الصندوق مقفلا زمنًا طويلًا ثم حضر ابن العميد وزير السلطان إلى الري، ومن ثم توجه إلى المنزل الذي توفي فيه هذا الطبيب الشهير، فسلم خديجة مبلغًا كبيرًا من المال وأخذ الصندوق بما فيه وجمع أطباء المدينة وتلاميذ الرازي وكلفهم بالاطلاع على هذه الأوراق ومراجعتها وتنظيمها بحيث يتكون منها كتاب يصلح للنشر.
وقد تحققت هذه الرغبة، وكان هذا السفر هو الموسوعة التي عرفت فيما بعد باسم كتاب الحاوي أو الجامع الكبير أو الجامع الخاص بصناعة الطب، وهو يعرف في أوربا باسم «كونتيننس» وهو موسوعة تقع في نحو ثلاثين مجلدًا