ومما هو جدير بالذكر أن كحالا زار الرازي لفحص عينيه فسأله الرازي عن عدد جلد العين فتلعثم الكحال ولم يحر جوابًا، فقال الرازي: إن الذي يجهل هذا يجب ألا يستخدم مبضعه في عيني، وبالرغم من كل المحاولات التي بذلت لإقناعه بإجراء العملية لصالح بصره رفض الرازي وقال:«لقد رأيت كثيرًا من العالم حتى سئمته».
وهكذا نجد الرازي وقد سبقت عقليته وروحه وأبصرت عيناه الميتتان ما قدر له ودونه على الورق:
لعمري ما أدري وقد آذن البلى .... بعاجل ترحال إلى أن ترحالي.
وأين محل الروح بعد خروجها .... من الهيكل المنحل والجسد البالي
إن الحصاد الذي جنته الإنسانية من حياة الرازي الغنية بالكفاح والجهاد في سبيل الطب وتقدمه عظيم جدًا، فأخته خديجة تذكر أنه ترك أكثر من مائتين وثلاثين مؤلفًا ورسالة، وهذه المؤلفات لا تعالج الطب أو الكيمياء فقط بل تناولت كذلك الدين والفلسفة والفلك والطبيعة والرياضيات، فهناك رسالة عنوانها: بسبب أن المغنطيس يجذب الحديد، وأخرى عن الفراغ، وكتاب هيئة العالم غرضه أن يبين أن الأرض كروية وأنها في وسط الفلك وذو قطبين يدور عليها، وأن الشمس أعظم من الأرض والقمر أصغر منهما، وما يتبع ذلك من هذا المعنى. ومن مؤلفاته كتاب في العلم الإلهي على رأي أفلاطون وقصيدة في العلم الإلهي. وكتاب الخمسين في أصول الدين.
ويؤثر عن الرازي أنه كان يعتقد أن مجلسًا من خمسة عناصر إلهية يدير العالم، وهذا يعارض تعاليم الإسلام، كما وضع كتابًا يدعو إلى شيء من الحرية الدينية ويفصل بين الأخلاق والدين ويدعو إلى حياة جريئة لا يهددها الوعد أو الوعيد في العالم الآخر، وذلك لأن العقل والمعرفة يثبتان عدم وجود الحياة الأخرى بعد الموت. كذلك خلف لنا الرازي كتبًا في الطبيخ وبعض القصائد الغزلية. وإلى جانب هذه الأكداس المكدسة من المخطوطات يوجد صندوق مزدحم بلفائف