أي: يقول الآخر بعضهم لبعض: والله (لقد كان في هذا ماء مرة) أي: مرة من المرَّات والدهور؛ أي: زمنًا من الأزمان فأين هو الآن؟ يعني: أن أوائلهم يشربون ماء البحيرة كله حتى لا يبقى للماء فيها إلا آثار، فيمر عليها أواخرهم فيدركون بهذه الآثار أنه كان فيها ماء أولًا.
(ويحصر) - بالبناء للمفعول - أي: يحبس (نبي الله عيسى) عليه السلام (وأصحابه) من المؤمنين؛ أي: يبقون محصورين على جبل الطور بلا طعام ولا شراب حتى يشتد عليهم الجوع (حتى يكون رأس الثور لأحدهم) أي: رأس الثور الذي لا يؤكل غالبًا (خيرًا) لأحدهم وأحب عنده (من مئة دينار) كائن (لأحدكم اليوم) لفقدان ما يأكلونه عندهم.
يعني: أنهم تشتد بهم الفاقة والمجاعة إلى حد نفاد أغذيتهم وطعامهم، وهم محاصرون بيأجوج ومأجوج، حتى لا يوجد رأس الثور عندهم - وهو فحل البقر - إلا بمئة دينار، وهذا مع كمال رخص البقر في تلك الديار الشامية، ومع أن رأس الثور لا يرغب فيه الناس رغبتهم في لحم باقي أعضاء البقر.
قال القاضي: لعل ذلك لما ينالهم من الحاجة إلى ما يأكلون وهم لا يَحْرثُونَ؛ لشِدَّةِ حَصْرِهم، قال الأبي: وإنما ذكر الرأس؛ ليقاس عليه البقية في القيمة.
(فيرغب) أي: يتضرع إلى الله تعالى ويدعوه (نبي الله عيسى) عليه السلام (وأصحابه) المؤمنون؛ أي: يتضرعون إليه تعالى ويدعونه الفرج من هذه المحاصرة والمجاعة، والرغبة هنا بمعنى الدعاء.
وزاد في بعض الروايات:(إلى الله) تعالى (فيرسل الله) تعالى (عليهم)