للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا"، قَالَ: فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا مَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا.

===

بكثرتكم، ولا تتكلوا عليها؛ فـ (إنكم لا تدرون) أي: لا تعلمون ما سيقع لكم ويصيبكم من الفتن، ولا تنفعكم كثرة العدد والعدد معها (لعلكم أن تبتلوا) وتصابوا بالفتن والبلايا و (لعل) هنا للإشفاق؛ وهو الخوف من المكروه؛ أي: أشفق وأخاف عليكم أن تصابوا بالفتن المانعة لكم من إظهار الإسلام؛ كما وقع لضعفاء المسلمين في مكة قبل الهجرة؛ فإنهم يخفون إيمانهم خوفًا من إذاية المشركين وتعذيبهم لهم على الإيمان، أو: المانعة لكم من إظهار الصلاة مثلًا.

(قال) حذيفة: (فابتلينا) أي: اختبرنا وأصبنا بالفتن التي لا تدفعها الكثرة (حتى جعل الرجل منا) معاشر الصحابة وصار (ما يصلي) صلاة الفريضة في وقتها المحدد (إلا سرًّا) وخفيةً في بيته.

قال القرطبي: يعني بذلك - والله أعلم -: ما جرى لهم في أول الإسلام في مكة حين كان المشركون يؤذونهم ويمنعونهم من إظهار صلاتهم، حتى كانوا يصلون سرًّا. انتهى من "المفهم". وقال الأبي: وهذا بعيد من السياق ومن اللفظ؛ لعطفه بالفاء في قوله: (فابتلينا) الدالة على التعقيب.

وفي "فتح الملهم": قول حذيفة: (فابتلينا) يشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة؛ كالوليد بن عقبة؛ حيث كان يؤخر الصلاة ولا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرًّا، ثم يصلي معه خشية وقوع الفتنة. انتهى منه (١/ ١٨٣).

قال النووي: فلعل ذلك ما كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>