وقوله: {قَالَ هَذَا رَبِّي}
قال القاسمي: (إرخاء للعنان معهم بإظهار موافقته لهم أولًا، ثم إبطال قولهم بالاستدلال، لأنه أقرب لرجوع الخصم).
قال الزمخشري: (قول إبراهيم ذلك، هو قول من ينصف خصمه، مع علمه بأنه مبطل. يحكي قولَهُ كما هو غير متعصب لمذهبه، لأن ذلك أدعى إلى الحق، وأنجى من الشغَب. ثم يكرّ عليه بعد حكايته، فيبطله بالحجة).
وقوله: {فَلَمَّا أَفَلَ}. أي: غاب. {قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}. قال قتادة: (علم أنَّ ربه دائم لا يزول).
وقوله: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا}. أي: طالعًا منتشر الضوء. وبزغت الشمس إذا طلعت، وكذلك القمر.
وقوله: {قَالَ هَذَا رَبِّي}. على الأسلوب المتقدم. {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}. قال ابن جرير: (أي: من القوم الذين أخطؤوا الحق في ذلك، فلم يصيبوا الهدى، وعبدوا غير الله).
قال النسفي: (نبّه قومه على أن من اتخذ القمر إلهًا فهو ضال، وإنما احتج عليهم بالأفول دون البزوغ، وكلاهما انتقال من حال إلى حال، لأن الاحتجاج به أظهر، لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب).
وقوله: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ}.
فنصب قوله {بَازِغَةً} على الحال، لأن هذا من رؤية العين. وفي لغة العرب: بزغ وأفل متضادان. بزغ يَبْزُغ بُزوغًا إذا طلع، وأفلَ يأفِلُ أفولًا إذا غاب.
قال الكسائي: ({هَذَا رَبِّي} على معنى: هذا الطالع ربي). وقيل: هذا الضوء.
قال القرطبي: (وقال: {هَذَا} والشمس مؤنثة، لقوله: {فَلَمَّا أَفَلَتْ}. فقيل: إن تأنيث الشمس لتفخيمها وعِظمها، فهو كقولهم: رجل نَسّابة وعلّامة).
وقال ابن جرير: ({هَذَا أَكْبَرُ}، يعني: هذا أكبر من الكوكب والقمر، فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه).
وقوله: {فَلَمَّا أَفَلَتْ}. أي: غابت. {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.