قال ابن كثير:(فلما انتفتِ الإلهيّة عن هذه الأجرام الثلاثة التي هي أنورُ ما تقعُ عليه الأبصارُ، وتحقَّق ذلك بالدليل القاطع {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)}، أي: أنا بريء من عبادتهنَّ وموالاتهنَّ، فإن كانت آلهةً فكيدوني بها جميعًا ثم لا تُنْظرون).
أي: إنما أتوجه بالعبادة وكمال التعظيم لخالق هذه الموجودات والأشياء ومخترعها ومسخّرها ومقدّر أمورها ومدبر أحوالها، الذي بيده ملكوت كل شيء، وكل شيء في هذا الكون فقير إليه محتاج إلى قوته وقيوميته وتدبيره وتصريفه.
أخرج الإمام أحمد في المسند، وأبو داود في السنن، بسند صحيح، عن أبي تميمةَ عن رجل من قومه، أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل فقال: أنت رسول الله أو قال: أنت محمد؟ فقال: نعم. قال: فإلامَ تَدْعو؟ قال:[أدعو إلى ربك الذي إن مَسَّكَ ضر فدعوته كشَفَ عنك، والذي إن أضللت بأرض قفرٍ فدعوته ردّ عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك](١).
وقد أثنى الله سبحانه على إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في غير ما موضع في القرآن:
قال تعالى في سورة الأنعام:{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (٤٠٨٤). ورواه أحمد بسند صحيح. انظر تخريج المشكاة (٩١٨)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٢٤٢). وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٣٤٤٢).