للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١) بل تنزيل وجود الشىء منزلة عدمه كثير منه قوله تعالى:

وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (فينبغى) أى: إذا كان قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب- ينبغى (أن يقتصر ...

===

على الاتحاد المذكور ترجع إلى الاحتمال الأول، فالتناقض باق بحاله، وعلى تقدير عدم الاتحاد بين الأمرين يجب أن يكون العلم المنفى متعلقا بما تعلق به المثبت وهو عدم الخلاق، فيرجع قوله: (لو كانوا يعلمون) إلى صدر الآية؛ لأنه الأنسب ببلاغة القرآن من جهة أن فيه إشارة إلى أن علمهم بعدم الثواب كاف فى الامتناع، فكيف العلم بالذم وحمل الآيات على الأبلغ واجب.

(قوله: بل تنزيل إلخ) هذا ترق آخر، وهو تنزيل وجود الشىء أعم من أن يكون علما أو غيره منزلة عدمه، كما فى الآية، فإن وجود الرمى المنزل منزلة عدمه ليس بعلم، والحاصل أن الآية السابقة نزل فيها مطلق العلم أى: أعم من كونه متعلقا بفائدة الخبر أو غيره منزلة عدمه، وما هنا نزل وجود الشىء مطلقا كان علما أو غيره منزلة عدمه قوله: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (٢) (إذ) ظرف لرميت الأول أو للنفى المأخوذ من (ما)، ونفى الرمى عنه عليه الصلاة والسّلام باعتبار أنه بالنسبة لما ترتب عليه من الآثار العجيبة: كإصابة جميع الكفار بالتراب فى أعينهم كالعدم، والحاصل أنه لما ترتب على رميه آثار عجيبة لم تترتب على فعل غيره من البشر عادة نزل ذلك الرمى منزلة العدم لقلته بالنسبة لما ترتب عليه، وإثبات الرمى له ثانيا نظرا للظاهر، فلا تناقض فى الآية، وهذا الحمل أحسن من قول بعضهم: إن نفى الرمى من جهة الحقيقة أو التأثير والإثبات من جهة الصورة الظاهرية والكسب، وذلك لأنه لا تنزيل فى الآية حينئذ.

(قوله: فينبغى) أى: يجب صناعة، فلو لم يقتصر على قدر الحاجة عدّ مخطئا

(قوله: أى إذا كان قصد المخبر إلخ) هذا إشارة إلى أن الفاء فى قوله:

فينبغى للتفريع، وقوله حذرا عن اللغو إشارة إلى وجه التفريع، وانظر لم ترك الشارح الفاء عند إعادة ينبغى، وتوضيح المعنى أن قصد المخبر إذا كان إفادة المخاطب أحد


(١) البقرة: ١٠٢.
(٢) الأنفال: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>