للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

العلم الواقع بعد لو منفى بمقتضاها؛ لأنها حرف امتناع لامتناع، وقد أثبت ذلك العلم لهم فى صدر الآية، وهذا تناف، والجواب أنهم لما لم يعلموا بمقتضى العلم نزل ذلك العلم منزلة عدمه فصاروا بمنزلة الجاهلين، فإثبات العلم لهم أولا هو الموافق للواقع، ونفيه عنهم ثانيا مظهر لتنزيلهم منزلة الجاهلين بذلك الشىء لعدم جريهم على موجب علمهم، ثم إن المقصود من الآية التنظير؛ لأنها ليست من قبيل تنزيل العالم بإحدى الفائدتين منزلة الجاهل لعدم جريانه على مقتضى العلم فيلقى له الخبر؛ لأن اليهود غير مخاطبين بالآية، ولم يقصد إعلامهم بها حتى تكون خبرا ملقى لهم ومقصودا إعلامهم بمضمونه وهم يعلمونه ونزلوا منزلة الجاهلين، إذ المخاطب بالآية إنما هو النبى- صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، وليسوا عالمين بفائدة هذا الخبر، والحاصل أن المقصود بالآية: التنظير؛ لأن فيها تنزيل العالم بالشىء منزلة الجاهل به كما أن فى المبحث المذكور قبلها كذلك، وإن افترقا من جهة أن العالم المنزل منزلة الجاهل فى الآية ليس مخاطبا وليس عالما بفائدة الخبر، بخلاف المبحث السابق، فإن قلت: هذا التكلف فى الآية بجعلها نظيرا إنما يحتاج إليه إذا كان العلم المنفى بلو متعلقا بما تعلق به العلم المثبت وهو عدم الخلاف والثواب؛ لأنه يلزم على ذلك التناقض فى الآية، وإنما يندفع بذلك التكلف، وأما لو كان العلم المنفى متعلقا بالذم المأخوذ من بئس والعلم المثبت متعلقا بعدم الخلاق وهما متغايران لوجود عدم الخلاق فى الأمر المباح بخلاف الذم فلا تناقض؛ لأن شرطه اتحاد الموضوع والمحمول والموضوع هنا قد اختلف، وإذا احتملت الآية هذين الأمرين سقط بها الاستشهاد عن التنظير أيضا، فلا يصح أن تكون شاهدا لما ادعاه المصنف لما قلناه سابقا ولا شاهدا على النظير للاحتمال السابق، والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال. قلت: هذا الاحتمال مناف لسياق الآية؛ لأن سوق الآية يدل على اتحاد الذم، وانتفاء الخلاق ما صدقا فى الآية على ما ذكره المفسرون؛ وذلك لأن اختيار ما لا نفع ولا ثواب فيه فى الآخرة كالسحر على النافع من كل الوجوه وهو كتاب الله ردىء ومذموم، فالآية على هذا الاحتمال بناء

<<  <  ج: ص:  >  >>