الأمرين فينبغى له أن يقتصر من التركيب على قدر ما تحصل به إفادته لا أنقص منه ولا أزيد حذرا من اللغو، فإنه إذا كان غير مفيد أصلا كان لغوا محضا، وإن كان ناقصا عن إفادة ما قصد به كان فى حكم اللغو، وإذا كان زائدا عليها كان مشتملا على اللغو، وبهذا ظهر لك تفرع هذا الكلام أعنى قوله: فينبغى إلخ، على ما قبله، ولم يحتج لما أورده بعضهم بقوله: إن جواب الشرط مسبب عنه، وهذا المذكور المأخوذ من أول المبحث أعنى قوله: فينبغى إلخ، لا يظهر كونه مسببا عن الشرط المحذوف الذى قدره الشارح بقوله أى: إذا كان إلخ، بل ما ذكره المصنف قاعدة مستقلة بنفسها لا تتفرع على ما سبق، والذى يظهر كونه مسببا عما سبق قوله بعد ذلك؛ فإن كان المخاطب إلخ، وأجاب عن ذلك بأن قوله: فينبغى إلخ، كلام مجمل يفصله قوله: فإن كان إلخ، والمجمل والمفصل شىء واحد وإن اختلفا بالاعتبار، وقد حكمنا بأن ذلك المفصل يظهر كونه مسببا عن الشرط فيصح أن يكون مجمله كذلك، فالحاصل أنه لا شك فى صحة تفرع قوله: فينبغى إلخ، على ما تقدم من أن قصد المخبر إلخ، ولا يحتاج فى توجيه التفريع إلى أن يقال إن ما ذكره من الاقتصار حكم مجمل قد فصل بقوله: فإن كان المخاطب إلخ.
بقى شىء آخر: وهو أن اعتبار هذه الأحوال أعنى: خلو الذهن والتردد والإنكار ظاهر بالنسبة إلى فائدة الخبر يعنى: الحكم، وأما بالنسبة إلى لازمها فيمكن اعتبار الخلو والتجريد عن المؤكدات، وأما اعتبار التردد والإنكار فلا يصح؛ لأن التردد فى علم المخاطب أو إنكاره يقتضى تأكيده لا تأكيد الحكم، فإذا أكد وقيل: إنى عالم بقيام زيد مثلا، انقلب اللازم فائدة؛ لأن المقصود حينئذ إثبات العلم بالقيام لا إثبات القيام، والكلام فى لازم الفائدة لا فيها فلا يتصور اعتبار التردد أو الإنكار فى اللازم مع بقائه على حاله على أنه لا يتصور، ولو لم يبق على حاله إن أريد بعلم المتكلم حصول صورة الحكم؛ لأن إلقاء الخبر للمخاطب يستلزم إفادته المخاطب أنه عالم بالحكم كما تقدم بيانه، أما إن أريد بالحكم التصديق مطلقا أو بقيد الجزم وحده أو به مع المطابقة