للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزعم كثير من أرباب الأموال أن الغلاء كسنّى يوسف ، وطمع أن يشترى بما عنده من الأقوات أموال أهل مصر ونفوسهم، فأمسك الغلال وامتنع من بيعها، فلما وقع الرخاء ساست (١) كلها ولم ينتفع بها فرماها/ وأصيب كثير ممن اقتنى المال من الغلال فبعضهم مات عقب ذلك شر ميتة، وبعضهم أجيح (٢) فى ماله، ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ﴾ (٣) وهو الفعّال لما يريد (٤).

وفى ذى القعدة سنة ٦٢٢، أبطل الملك الكامل الدرهم الناصري، وأمر بضرب دراهم مستديرة، وأمر أن لا يتعامل الناس بالدراهم المصرية الناصرية العتق، وهى التى تعرف فى مصر وإسكندرية بالورق، وجعل الدرهم الكاملى ثلاثة أثلاث: ثلثيه من فضة خالصة وثلثه من نحاس، فاستمر ذلك بمصر والشام مدة أيام بنى أيوب إلى أن فسدت فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة بدخول الدراهم الحموية، فكثر تعنت الناس فيها، وإن كان ذلك فى إمارة الظاهر برقوق.

وفى سنة ٦٦٢، فى أيام الملك الظاهر بيبرس البندقدارى، بلغ الأردب القمح نحو مائة درهم لغلو الأسعار بمصر، ثم نزل سعر الأردب عشرين درهما، وقلّ وجود الفقراء إلى أن جاء شهر رمضان وجاء المغل الجديد، فأول يوم من بيع الجديد نفص سعر أردب القمح أربعين درهما ورقا.

وفى اليوم الذى جلس فيه السلطان بدار العدل للنظر فى أمور الأسعار، قرئت عليه قصة ضمان دار الضرب وفيها: أنه قد توقفت الدراهم وسألوا إبطال الناصرية فإن ضمانها بمبلغ مائتى ألف وخمسين ألف درهم، فوقّع عليها: يحط عنهم منها مبلغ خمسين ألف درهم، وقال: نحط هذا ولا نؤذى الناس فى أموالهم.


(١) أكلها السوس (القاموس مادة سوس).
(٢) هكذا فى الأصل.
(٣) سورة الفجر آية ١٤.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ) سورة هود آية ١٠٧.