للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهن حدثٌ يوجب قتلهن: من قتال، أو قَتلِ أحدٍ من المسلمين، وغير ذلك مما أثبته الشرع.

فأما إنْ تعدَّيْنَ في مثل ذلك؛ فلا يمتنع القتل.

خرَّج أبو داود (١) عن عائشة قالت: لم يقتل من نسائهم -يعني

بني قريظة- إلا امرأة، إنها لعندي تُحَدِّثُ، تضحك ظهراً وبَطْناً، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتل رجالهم بالسوق، إذْ هَتَفَ هاتفٌ باسمها: أين فُلانة؟ قالت: أنا، قلت: وما شأنك؟ قالت: حَدَثٌ أحدثته. قالت: فانطُلِق بها فضربت عنقها.

فليس النهي عن قتل النساء يراد به العموم والإطلاق؛ ألا ترى إلى قتل المرأة قوداً بالنفس؛ وحدّاً في الزنا؟ وكذلك الردّةُ، والله أعلم.

فصل

وأما اختلافهم في ميراث المرتد إذا قُتِل أو مات على رِدّته، ففي ذلك قولان


(١) في «سننه» في كتاب الجهاد (باب في قتل النساء) (رقم ٢٦٧١) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ من أجل محمد بن إسحاق. وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد (٦/٢٧٧) ، والحاكم (٣/٣٥-٣٦) ، والبيهقي في «الكبرى» (٩/٨٢) ، وفي «معرفة السنن والآثار» (١٨٠١٨) من طريقين، عن ابن إسحاق، به.
وهو في «السيرة النبوية» لابن هشام (٢/٢٤٢) من حديث ابن إسحاق بهذا الإسناد.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
قلت: لم يحتج مسلم بمحمد بن إسحاق، إنما أخرج له في المتابعات.
ونقل البيهقي عن الشافعي قوله: فحدثني أصحابنا أنها كانت دلَّت على محمود بن مسلمة رحًى، فقتلته، فقتلت بذلك.
ونقل -أيضاً- قوله: قد جاء الخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل القرظية، ولم يصحَّ خبر على أيّ معنىً قتلها، وقد يحتمل أن تكون أسلمت، ثم ارتدت ولحقت بقومها، فقتلها لذلك، ويحتمل غيره.
وقد مضى ذكر حديث هذه المرأة، وأنها دلَّت على خلاد بن سويد حَجَراً فقتلته، وليس على محمد بن مسلمة.
وقولها: «ظهراً وبطناً» ، أي: تنقلب من كثرة الضحك ظهراً لبطن، وبطناً لظهر.

<<  <   >  >>