مع أن الماوردي في «الحاوي» جعل الفقير الذي لا يملك ضربان: مُعْتَمِلاً، وغير مُعْتَمِل: لا يقدر على الاكتساب إلا بالمسألة، فذكر قولين في وجوب الجزية عليه: أحدهما: أنها واجبة عليه، وهو المنصوص عليه عند الشافعية. والثاني: لا جزية عليه، ويكون في عقد الذمة تبعاً لأهل المسكنة، كالنساء والعبيد. وقال: نصَّ عليه في «سير الواقدي» . قلت: والذي في «سير الواقدي» من كتاب «الأم» (٤/٢٩٧) ما نصُّه: « ... فإن أعوز أحدهم بجزيته، فهي دَيْنٌ عليه، يؤخذ منه متى قدر عليها» . والمشهور المنصوص عليه عند الشافعية ما ذكره المصنف -رحمه الله-. واختار ابن المنذر في «الإقناع» (٢/٤٧٢) أن لا جزية على الفقير الذي لا يجد ما يؤدي منه الجزية. وهو القول الثاني الذي ذكره الماوردي. وقد ذهب إلى وجوب الجزية على الفقير: الإمام أبو ثور. نقل ذلك عنه الإمام الطبري في «اختلاف الفقهاء» (٢٠٨- نشره المستشرق: يوسف شخت) . (١) فمذهب الجمهور أنها لا تؤخذ منه؛ لأنه ليس من أهل القتال، فلم يكن عليه جزية. انظر في مذهب الحنفية: «الهداية» (٢/٤٥٣) ، «تحفة الفقهاء» (٣/٣٠٧) ، «اللباب» (٤/١٤٥) ، «البناية» (٥/ ٨٢٥) ، «بدائع الصنائع» (٧/١١١) ، «إعلاء السنن» (١٢/٤٦٢، ٤٦٨) -وقال: ومقتضى القياس أن تُضْرَبَ على الشيخ والزَّمِنِ والمقعد إذا كان لهم يسار-. وفي مذهب الحنابلة: «المغني» (١٣/٢١٩) ، «شرح الزركشي» (٦/٥٧٥) ، «شرح المختصر» لأبي يعلى (٢/٥٩٥) ، «الواضح» (٢/٢٧٩، ٢٨٠) ، «المقنع» (٣/١١٩٢) ، «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٦١) ، «أحكام أهل الملل» (ص ٨٩) . وفي مذهب المالكية: «المدونة» (١/٣٧٠) ، «الكافي» لابن عبد البر (١/٤٧٩) ، «المعونة» (١/٦٢٤) ، «الرسالة» (ص ١٨٩) . خلافاً للشافعي -في أحد قوليه-: أن عليه الجزية، بناءً علىجواز قتله هو، والزَّمِنِ، والأعمى، ومن في معناهم، فوجبت الجزية بدلاً عن القتل. انظر: «الأم» (٤/١٨٦) ، «مختصر المزني» (ص ٢٧٢) ، «الإقناع» للماوردي (ص ١٧٦) ، «الإقناع» لابن المنذر (٢/٤٧٢) .