عائشة –رضي الله عنهم –أن أبا بكر – رضي الله عنه –نحلها عشرين وسقًا [من ماله؛ أي: قدرًا من النخل تجد منه] عشرين وسقًا –كما بينه القاضي الحسين – فلما مرض قال: يا بنية, ما أحد أحب إليَّ غنى بعدي منك, ولا أحد أعز علي [فقرًا منك] , وإني كنت نحلتك [جداد] عشرين وسقًا وددت أنك خزنته أو قبضته وهو اليوم مال الوارث, وهما أخواك وأختاك, فاقتسماه على كتاب الله, فقلت: عرفت أخوي محمد وعبد الرحمن وأختي أسماء, فمن الأخرى؟ فقال: ألقى [الله] في روعي – وفي رواية: إن روح القدس نفث في روعي -: أن ذات بطن [بنت خارجة] جارية.
فلو كانت الهبة تلزم بنفسها قبل القبض لم يكن لقوله: "وددت لو خزنته [أو قبضته"] معنىً, ولما كان تركةً.
وقد روى عن عمر –رضي الله عنه –أنه قال: لا تتم النحلة حتى [يحوزها المنحول] له.
وروي مثل ذلك عن عثمان, وابن عمر, وابن عباس, وأنس بن مالك, ومعاذ الغزي, وعائشة, ولا يعرف لهم مخالف, ولأنه عقد إرفاق مفتقر إلى القبول؛ فافتقر إلى القبض كالقرض, ولأنه هبة غير مقبوضة فلا تلزم؛ كما لو مات وقد, وافق الخصم – وهو الإمام مالك, رضي الله عنه – على عدم لزوم ذلك الوارث.
ولا فرق في ذلك بين سائر الهبات بالاتفاق من أصحابنا, حتى قالوا: لو أرسل إلى شخص هدية, ثم استرجعها قبل أن تصل إليه, أو مات –لم يملكها المهدى إليه؛ استدلالًا بما روى أنه صلى الله عليه وسلم أهدى للنجاشي ثلاثين أوقية مسكًا, فمات قبل أن تصل