أما إذا كان بعذر، مثل: أن طالبه في جُنْح الليل، والوديعة في خزانة لا يتأتى فتح بابها في ذلك الوقت، أو كان مشغولاً بصلاة، أو قاضء حاجة، أو طهارة، أو في حمام، أو على طعام؛ فأخر حتى يفرغ، أو كان ملازماً لغريم يخاف هربه، أو كان يخشى المطر والوديعة في البيت؛ فأخر حتى يقلع ويرجع إلى البيت، وما أشبه ذلك – فلا نزاع في أن ذلك جائز، لكن هل يضمن؟
الذي قاله في "الوسيط" هاهنا: أن التأخير إن كان بسبب تعذر الوصول إليها – كما في جنح الليل – لم يضمن، وإن كان بسبب كونه في حمام أو على طعام، ضمن، وإن لم يَعْصَ بالتأخير. وكذلك حكاه في كتاب الوكالة عن قول الأصحاب، ثم قال: وهذا منقدح إذا كان التلف بسبب التأخير، وبعيد إذا لم يكن التأخير سبباً فيه. وما ذكره هاهنا وثَمَّ هو احتمال أبداه الإمام لنفسه.
والمنقول عن الأصحاب: أنه لا يضمن في الجميع، كما صرح به القاضيان الحسين وأبو الطيب، وكذلك ابن الصباغ والماوردي وغيرهم في الوكيل إذا أخر الرد بهذا العذر، وطرده في كل يد أمانة كالمودع وغيرهن وهو ما حكاه المتولي أيضاً، وإيراد البغوي يقتضيه.
فروع:
لو وكل المالك وكيلاً ليرد عليه المودَع، لزمه الرد مهما طلب، فإن تمكن منه ولم يطالبه الوكيل ففي الضمان وجهان.
قال الغزالي: كنظيره في الثوب إذا طيَّرته الريح في داره؛ لأن أمره بالرد للوكيل عزل فصارت أمانته شرعية.
ولو قال له: رد الوديعة على من قدرت عليه من وكلائي ولا تؤخر، ضمن بتأخيره عن الرد على بعضهم عند قدرته عليه، وعصى، ولو لم يقل له: ولا تؤخر، ضمن بالتأخير، وفي العصيان وجهان.
ولو قال: ردها على من شئت منهم، فلم يردها على واحد ليرد على آخر –