فلا يعصي، وفي الضمان وجهان، كذا قال الإمام في "الأساليب".
قال: وإن تعدى فيها – أي: بما ذكرناه أو غيره – ثم ترك التعدي، لم يبرأ من الضمان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ"، ويد المودع متعدية قد أخذت الوديعة؛ فوجب أن يكون عليه حتى يؤديها، ولأنه ضمنها بالعداون فلم يبرأ من الضمان بالرد إلى المكان؛ كمن غصب من دارٍ ثم رد إليها، وكما لوجحد الوديعة ثم اعترف بها؛ فإن الخصم – وهو أبو حنيفة – قد وافق على عدم البراءة.
قال: فإن أحدث له استئماناً – أي: مثل أن قال: استأمنتك عليها، أو: أودعتك إياها، أو: أذنت لك في حفظها، أو: أبرأتك من ضمانها – برئ على ظاهر المذهب؛ لأنه ضمن بحقه فسقط بإسقاطه.
قال: وقيل: لا يبرأ حتى تُرد إلى صاحبها، أي: أو وكيله؛ للحديث، ولأن الإبراء يختص بما في الذمة، ولا حق بما [في] ذمته بعد، وقد روى بعضهم هذا عن ابن سريج، وبعضهم قال: إنه منصوص عليه في "الأم".
ولو أمره بردها إلى الحرز بعد التعدي، قال الماوردي في كتاب العراية: كان في سقوط الضمان وجهان كالإبراء.
قال: وللودِع والمودَع فسخ الوديعة متى شاء. وإن مات أحدهما، أو جن، أو أغمي عليه – انفسخت الوديعة؛ لأنها في الحقيقة وكالة في الحفظ، وهذا حكم الوكالة.
ولو قلنا: إنها ليست بعقد، بل مجرد إذن فالآذن يبطل إذنه بطرآن هذه الأحوال، والمودع يخرج عن أهليَّة الحفظ بها – أيضاً – ويظهر أن يأتي فهيا من الخلاف عند طرآن الجنون والإغماء ما ذكرناه في الوكالة.
ثم إذا انفسخت بموت المودَع، وجب على الوارث إعلام صاحب الوديعة بها إذا عرفه أو الرد عليهن وكذلك يجب على وليه إذا جن أو أغمي عليه. وهل