لأن العصا إذا وقع عليها وصل إلى القضبان, فقشرها, وربما كسرها؛ فلهذا منع منه.
تنبيه: قد ذكرنا أنه إنما لم يضمن الورق؛ لأنه يستخلف في الغالب, ومنه يظهر لك أنه يجوز إخراج ماء زمزم؛ لأنه يستخلف, وقد صرح به الأصحاب, وقالوا: لا يكره؛ لأن عائشة كانت تفعل ذلك, وهذا بخلاف تراب الحرم وأحجاره؛ فإنه لا يجوز إخراجها لعدم استخلافهما؛ قاله في "المهذب", و"الحاوي" وغيرهما, فلو أخرج شيئًا من ذلك وجب عليه رده.
ومن طريق الأولى أنه لا يجوز أخذ شيء من طيبها, ويجب رده على من أخذه, وبه صرح الأصحاب.
وقالوا: من أراد التبرك فليأت بطيب من عنده, يمسحها به, ثم يأخذه.
لكن المذكور في "الإبانة" و"تعليق القاضي الحسين": إنه يجوز إخراج التراب, لكنه مكروه.
وقياس ذلك أن يطرد في الحجر, وقد صرح به الرافعي فيه أيضا, ولم يحك سواه, ويمكن أخذه من قول الشافعي- رضي الله عنه- في القديم: "وأكره أن يخرج [من تراب الحرم وأحجاره] شيء إلى غيره".
ثم قال الشافعي- رضي الله عنه- وقد رخص بعض الناس في ذلك, [واحتج] بشراء البرام من "مكة", والبرام من الحل على يومين أو ثلاثة, يعني: ليس في الحرم, فلا حجة في [ذلك].
لكن في "البحر": أن هذا يدل علي أنه يجوز ذلك, ويكره, وأن بعض أصحابنا ذكر ما يدل على أنه يحرم, ولكن لا يضمن, وهو خلاف المذهب.
وقد أعرب الرافعي فحكى عن الشيخ أبي الفضل بن عبدان: أنه لا يجوز قطع شئ من ستر الكعبة- شرفها الله تعالى -ونقله وبيعه وشراؤه, وأن من حمل منه شيئًا فعليه رده, وهو قاعد ما لا يستخلف.