فإن اعتقد ذلك, كان خلاف المذهب؛ فلا يحسن الاستدلال به [على] المذهب.
وإن لم يعتقد ذلك- كما أفهمه [لفظه في المذهب] فليس من صيد الحرم؛ [لأن صائده يجوز له ذبحه في الحرم] والتصرف فيه؛ كما حكيناه من قبل عن النص, وانه لم يحك غيره, وذلك يدل على أن حرمة الحرم لا تثبت عليه, وإذا كان كذلك, فلا جزاء فيه, وقد صرح هو به من بعد, حيث قال: لو أتلفه غير مالكه, [وجب] عليه القيمة لا غير.
قلت: الذي ينفي النظر: أن يحمل كلامه على أنه يعتقد زوال الملك عنه بإطلاقه؛ كما صرح به من بعد, وهو منه محمول - أيضًا- على ما إذا قصد بإرساله التقرب إلى الله تعالى؛ فإنه قال "-كما حكيناه عنه في باب الصيد والذبائح- به ولم يحك غيره", وهو وجه حكاه ابن الصباغ في المسألة, والله اعلم.
ثم ما المراد بما أنتبه الآدميون الذي وقع فيه الخلاف؟
اختلف فيه الناقلون:
فكلام الماوردي الذي حكيناه آنفًا يفهم أنه المنقول من الحل إلى الحرم, وقد صرح بأنه الذي ينبته الآدميون في الموات دون الأملاك, أما الذي أنبتوه في الأملاك في الحرم, فلا يحرم قطعه بلا خلاف, وكأنه يشير بذلك إلى أنه إذا غرسه في الموات يقصد الإعراض عنه؛ فإنه لو قصد إبقاءه لنفسه, لغرسه في ملكه, وهو لا يزول ملكه عنه بذلك؛ فأشبه عند القائل بعدم التحريم ما لو غرس ذلك في ملكه.
وقال القاضي الحسين: إن المراد [به] ما أنبت أصله الآدميون, يعني: كالسفرجل, والتفاح ونحوهما, وإن كان قد نبت بنفسه, وعليه ينطبق قول ابن يونس: إن المراد جنس ما ينبته الآدميون عادة.