للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيب والبندنيجي وغيرهما:" ومن قطع من شجر الحرم, فعليه الجزاء؛ لأنه لا مالك له", وهذا الوجه لم يحك الفوراني غيره, وهو الذي أورده القفال؛ كما قال الطبري.

ويشبه أن يكون قول صاحب التلخيص فإنه قال: "الاعتبار بالقصد لا بالجنس, فما استنبت لا يضمن, وما نبت بنفسه ضمن من غير نظر إلى الجنس.

والقائل بهذا لا يثبت الأول.

وقال البندنيجي: إنه يثبته, ويجعل في المسالة قولين, وبذلك يحصل في المسألة ثلاثة طرق.

قال الشيخ: والأول هو المنصوص, ووجهه على الخصوص: أنه شجر نامٍ غير مؤذٍ نبت أصله في الحرم, فأشبه ما أنبته الله تعالى.

قال القاضي الحسين: ولأنه ما من شجر إلا ويوجد ذلك مباحًا في الآجام والغياض.

وقول الشافعي- رضي الله عنه-" لأنه لا مالك له", لم يذكره ليخرج به ما له مالك التحريم, ولكن ذكره؛ ليخرج به الشجر المملوك في الحرم؛ فإنه يجب فيه مع الجزاء القيمة بلا خلاف؛ كما في الصيد المملوك, وهو لم يذكر القيمة.

وصورة ذلك- كما قال في" البحر"- إن نبت الشجر بنفسه في موضع مملوك لإنسان من الحرم.

وقد وجه في" المهذب" المنصوص بأن ما حرم لحرمة الحرم يستوي فيه المباح والمملوك؛ كالصيد.

وكأنه- والله أعلم- يشير إلى ما ذكره الماوردي في توجيه هذا القول: إن الحرمة للحرم لا للشجر؛ فلا فرق بين ما أنتبه الله تعالى في الحرم وبين ما نقله الآدميون من الحل إلى الحرم, ألا ترى لو أن رجلًا صاد من الحل صيدًا, وأطلقه في الحرم, كان كصيد الحرم؛ لحرمة المكان؛ فكذلك الشجر.

فإن قلت: وهذا فيه نظر؛ لأنه [إما أن] يعتقد أن الصيد بإطلاقه خرج عن ملك صائده أو لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>