للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال مثلًا: هذا البعير الذي يركبه المرتهن لو استُؤجر لمدة عشرة أيام لكانت الأجرة مئة، والنفقة بقدر مئة، حينئذٍ تساوت النفقة وتساوت الأجرة، فيكون لا له شيء وليس عليه شيء؛ لأنه ركب بقدر النفقة.

فإن كانت أجرته أكثر من النفقة فلا بد أن يدفع ما زاد على النفقة، إذا قدَّرنا أن نفقته خمسون وأن أجرته مئة، فعليه أن يدفع كم؟ خمسين؛ لأنه لو لم يفعل لكان ظالمًا للراهن، وإذا كان دينه قرضًا صار دينه قرضًا جرَّ نفعًا.

لو كان بالعكس: نفقته مئة وأجرته خمسون، فهل يرجع على الراهن بما زاد؟ نعم، يرجع على الراهن بما زاد. النفقة مئة، وأجرة مثله خمسون، الآن يطالب الراهن بما زاد على النفقة وهو خمسون. وكذلك يُقَال فيما يُحْلَب؛ كالشاة والبقرة.

طالب: الناقة.

الشيخ: الناقة في الغالب تُرْكَب؛ ولهذا مثَّلنا في الأول بالناقة.

هذا إنسان رهن بقرة وصار يحلبها، نقول: لك أن تحلبها بقدر النفقة، فإذا كان ثمن حليبها مئة في الأسبوع ونفقتها في الأسبوع مئة، ففي هذه الحال لا له ولا عليه، وإن كان الحليب يساوي مئتين في الأسبوع والنفقة مئة دفع للراهن مئة، لكن هذه المئة تكون رهنًا -انتبهوا- لأنها من نمائه، وإن كان بالعكس: النفقة مئتان، واللبن يساوي مئة، يرجع على مَنْ؟ على الراهن بما زاد على ثمن الحليب.

فإذا قال قائل: ما هو الدليل، وما هي الحكمة؟

قلنا: الدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ». رواه البخاري (١).

فقول الرسول: «بِنَفَقَتِهِ» (الباء) هنا ليست للسببية ولكنها بدليَّة، فيكون الركوب بمقدار النفقة، وكذلك الحليب بمقدار النفقة، فإذا زاد أو نقص فعلى ما شرحنا لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>