نعم، لو فُرِضَ أن القاضي المكتوب إليه عجز عن ذلك فله أن يُحِيلَها ويردها على صاحبها.
يقول:(ولا يُقْبَل)، يعني: لا يُقْبَل كتاب القاضي إلى القاضي.
(إلا أن يُشْهِد به القاضي الكاتبُ شاهدين، فيقرؤه عليهما، ثم يقول: اشهدَا أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان، ثم يدفعه إليهما).
يعني أن القاضي إذا كتب الكتاب إلى القاضي الآخر لا بد من اعتبار هذه الأمور:
أولًا: أن يُشْهِد عليه شاهِدَيْن، يأتي برجلين ويقرؤه عليهما حتى يضبطا معناه، فإن أشكلت عليهما كلمة فيه وجب عليهما الاستفسار، فيقولان للقاضي: ويش معنى هذه الكلمة؟ فإذا ضبطَا الكتاب ومعناه، قال: اشهدَا أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان، فيشهدان بذلك، ثم يدفعه إليهما، ويقول: اذهبَا به، والأَوْلَى ألَّا يدفعه إلَّا مختومًا؛ لأنه أولى وأسلم من التغيير، فإذا ختمه -يعني غَلَّفَه وحَطَّ عليه الختم- صار هذا أسلم من التغيير؛ إذ من الجائز أن هذين الشاهدين يغيِّران فيه، فالاحتياط أن يختمه ويسلِّمه إليهما.
فإن بعث به واحدًا فقط فإنه لا يصح، إلا على قول سبق أن ذكرناه، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يكفي إرسال واحد.
كذلك لو أعطاهما إياه مختومًا، ما قرأ عليهما، ظَرَّف الكتاب وختمه وقال: خُذَا هذا الكتاب إلى فلان ابن فلان، فإنه لا يصح على المذهب ولا يُقْبَل حتى يقرأه عليهما؛ لأنهما بمنزلة الشاهِدَيْن، والشاهد لا بد أن يعلم بما شهد به.