للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم فيه أيضًا دفع إحراج بالنسبة للقاضي، أيش؟ الكاتب، للقاضي الكاتب؛ لأنه كما أشرنا قد يتحرَّج أن يحكم على ابن عمه، أو على أخيه، أو على أبيه، أو ما أشبه ذلك، فيكتب القضية ويدفعها إلى قاضٍ آخر يحكم بها، فكيف نقول: إنه لا يصح ذلك إذا كانَا في بلد واحد، أو في بلدين متقاربين ليس بينهما مسافة قصر؟ !

والصحيح ما خَرَّجَه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنه لا فرق بين الصورتين، وأن كتابة القاضي إلى القاضي جائزة، وإن كانَا في بلد واحد مطلَقًا، جائزة مطلقًا، هذا هو القول الصحيح.

أنتم الآن يبدو لي أنكم ما تصوَّرْتم المسألة جيدًا، ولكن ستكونون قضاة إن أراد الله وتعرفون الحاجة إلى هذه المسائل، تعرفون أنها مهمة جدًّا، ويتسمَّى في عرف المتأخرين استخلافًا، استخلاف يعني أن القاضي الكاتب استخلف القاضي المكتوب إليه، كما يستخلف الإمام في الصلاة مَن يُتِمّ الصلاة بهم إذا سبقه الحدَث، أو مطلقًا على القول الراجح.

المهم، فهمنا الآن كتاب القاضي للقاضي، له صورتان تتفقان في أنه لا يُكْتَب فيهما في حد من حدود الله، ويُكْتَب فيهما في حقوق الآدميين.

وتختلفان في أن الكتابة بالثبوت يُشْتَرَط ألَّا يكونَا في بلد واحد، بل لا بد أن يكون بينهما مسافة قصر، والكتابة بالحكم لا يُشْتَرَط فيها ذلك.

والفرق ما سمعتم؛ أن الكتابة بالحكم من باب تنفيذ حكم القاضي، وهو واجب -أي تنفيذ حكم القاضي- على كل مَن بلغه حكمه، سواء كان قريبًا أم بعيدًا.

وذكرنا أن شيخ الإسلام رحمه الله يخالف في المسألتين، ويقول: تجوز الكتابة في حدود الله، وكذلك فيما إذا كانَا في بلد واحد مطلقًا. ( ... )

قال المؤلف رحمه الله: (وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعيَّنٍ، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ كِتَابُهُ مِنْ قُضَاةِ المُسْلِمِينَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>