للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن العين لم تُحضر في مجلس الحكم، فحكم القاضي بأن العين للمدَّعِي، بمقتضى أيش؟ بمقتضى البيِّنَة، ولكن ليست العين حاضرة حتى يُلْزِم المدَّعَى عليه بتسليمها للمدَّعِي، العين موجودة في طرف القاضي المكتوب إليه، فكتب إلى القاضي بأنه تداعى عندي فلان وفلان بكذا وكذا، وأن البينة قامت للمُدَّعِي بما ادَّعَى به، وحَكَمْتُ بأن العين للمدَّعِي، فنفِّذْ حكمي هذا.

إذا وصلت إلى القاضي ويش يعمل؟ يُنفِّذ ولَّا ينظر في القضية؟ ينفِّذ، وليس له الحق أن ينظر في القضية أبدًا، يمَشِّيها على طول، وعلى ذمة مَن؟ القاضي الأول.

في القذف ادَّعَى زيد على عمرو بأنه قَذَفَه، فطلب القاضي من المدَّعِي البينة، فأتى بشاهدين يشهدان بأنه قَذَفَه، ولكنه كَرِهَ أن يحكم عليه، ليش؟ قال: لأنه ابن عمي؛ لأن المدَّعَى عليه ابن عمه، ولو أحكُم عليه صار بيني وبينه قطيعة رحم، فأنا أرفع القضية إلى القاضي الثاني بأنه ثبت عندي كذا وكذا فاحكم، تصل إلى القاضي المكتوب إليه، ينظر فيها، ثم إذا اقتضى نظره أن يحكم حكم.

الصورة الثانية فيما حَكَمَ به لينفِّذه القاضي المكتوب إليه: حكم الرجل بالقضية، ثبت الحكم عنده وحكم لفلان بأنه يجب عليه ثمانون جلدة، حد القذف، لكن لا يحب أن ينفِّذه هو، أو يخشى أن ينفِّذَه من سطوة المحكوم عليه، فكتب به إلى القاضي الثاني: والله قد ثبت عندي كذا كذا، وحكمتُ به، فنَفِّذْه، القاضي ينفِّذه.

ويشبه هذه القضية من بعض الوجوه كتابة القضاة اليوم إلى الأمراء، أو إلى الشُّرَط لتنفيذ ما حكم به القاضي.

يقول المؤلف رحمه الله: إذن يُشْتَرَط في كتاب القاضي إلى القاضي أن يكون في حقوق مَن؟ في حقوق الآدميين، سواء كانت الحقوق في أعيان، أو في منافع، أو في قذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>