للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف رحمه الله: (يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي كُلِّ حَقٍّ حَتَّى القَذْفِ).

(في كل حق)، يعني: في كل حق لآدمي.

(حَتَّى القَذْفِ)، و (حتى) إشارة خلاف، لكن ذكر بعض المتأخِّرين أن العلماء إذا قالوا: (حتى)، فالخلاف ضعيف، وإذا قالوا: (إن) فالخلاف قوي، وإذا قالوا: (لو) فالخلاف أقوى، وهذا اصطلاح أَغْلَبِيّ، ما هو دائمًا.

(حتى القَذْفِ)، القذف هل هو حق لله أو لآدمي؟

اختلف فيه العلماء؛ فقيل: إنه حق للآدمي، وقيل: إنه حق لله عز وجل؛ فمن قال: إنه حق لآدمي، قال: هو كسائر الحقوق، يُقْبَل فيه كتاب القاضي إلى القاضي.

ومن قال: حق لله، قال: لا يُقْبَل فيه كتاب القاضي إلى القاضي.

ولكن المؤلف يقول: إنه يُقْبَل فيه كتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن فيه شائبتين؛ شائبة حق الله، وشائبة حق الآدمي، وهي في حق الآدمي أظهر؛ لأن الذي يتلطَّخ بالقذف وتُسَاءُ سمعته مَن؟ الآدمي، إذن هو حق يَثْلِم عرضه، فصار مضافًا إلى حقوق الآدميين.

(حتى القَذْفِ)، مثال ذلك: تداعَى فلان وفلان في عين، ادَّعَى أنه باعها عليه، وذاك مُنْكِر، فأتى ذلك ببيِّنة، المدَّعِي، فثبت عند القاضي، ثبتت الدعوى وحرَّرها، وكتب الشهود، ثم دفع الخصمين إلى القاضي المكتوب إليه، يمكن هذا ولَّا لا؟ يمكن؛ لأن هذا حق أيش؟ حق آدمي، فيُقْبَل، إذا وصلت القضية إلى القاضي المكتوب إليه نظر فيها والخصمان بين يديه، ثم حكم بما تقتضيه الحال.

تداعيَا عَيْنًا، وأتى المدَّعِي ببيِّنة أنها له. ( ... )

<<  <  ج: ص:  >  >>