للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثانية: فيما حكم به الكاتب ليُنَفِّذه المكتوب إليه، وهذا في الغالب ما تدعو الحاجة إليه، إلا إذا كانت العين المدَّعَى بها عقارًا، وكانت في بلد المكتوب إليه مثلًا، فإن القاضي قد يحتاج إلى ذلك، أو يكون أحد المدَّعِيَيْن في بلد القاضي المكتوب إليه، فيثْبُت عند القاضي دعوى المدَّعِي، ويحكم بالثبوت إلى القاضي الآخر ليحكم بذلك.

ما فائدة شَغْل القاضي الكاتِب بالكتابة؟ لماذا لا نقول: حَوِّلهم إلى القاضي المكتوب إليه من الأصل قبل أن تُثَبِّت الحكم؟

نقول: الفائدة أنه قد يكون القاضي المكتوب إليه أكثر عملًا من الكاتب، ويكون هذا أكثر فراغًا، فيطلب الشهود، ويُحَرِّر الدعوى، ويكتب كل ما تحتاج إليه القضية، ويكتب عدالة الشهود، وكل شيء؛ لأجل تُقَدَّم إلى القاضي المكتوب إليه ما بقي عليها إلا الحكم، وهذا لا شك أن فيه مصلحة للمكتوب إليه ظاهرة، وفيه أيضًا راحة للخصوم، بدل ما يذهبون إلى القاضي المكتوب إليه وتبقى معاملتهم أسبوعًا أو أسبوعين، أو شهرًا أو شهرين، أو سنة أو سنتين، أو قرنًا أو قرنين، تكون في –يمكن- ساعة أو ساعتين، وهذا أسهل للناس، ولا تتعجبوا إذا قلت: قرنًا أو قرنين! فيه قضايا لها خمسون سنة ومئة سنة إلى الآن ما بُتَّ فيها، ما هي غريبة؛ لأنه أحيانًا تأتي قضايا معقَّدَة، ألم تعلموا أن بعض الصكوك تكون أكبر من الباب هذا، شفت الباب هذا؟ تكون أكبر منه، بل بعض الصكوك تُجَلَّد مجلَّدات، حتى إن القاضي يبقى أسبوعًا يقراه ويقول، قال لي بعض القضاة: إذا وصلت إلى آخرها وأنا ناسٍ أولها، صحيح؛ لأن بعضها يكون معقَّدًا، من ورثة ومبيعات، وهذا أكثر ما تكون في العقارات.

على كل حال كتاب القاضي إلى القاضي فيه فائدة، ولّا لا؟ فيه فائدة تسهيل الأمر على القاضي المكتوب إليه، وتسهيل الأمر على مَن؟ على الخصوم.

ولكن لكتابة القاضي إلى القاضي شروط.

<<  <  ج: ص:  >  >>