للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا إذا كان مُسْتَتِرًا مختفيًا، يعني بأن ذهبنا إلى بيته ولم نجده، ذهبنا إلى مكان عمله ولم نجده، مثل ما يوجد الآن إذا فَلَّسَ الإنسان صار يختفي، يذهب من بيت إلى بيت ولّا يطلع بَرَّه، المهم أنه مُسْتَتِر، هو ما عُرِفَ أنه غاب عن البلد، لكنه مُسْتَتِر، طلبناه في بيته فلم نجده، في عمله لم نجده، في مسجده ما وجدناه، مستتر، فالمستتر في حكم الغائب، فتُسْمَع الدعوى والبينة ويُحْكَم عليه؛ لأن غيابه يدل على أن الدعوى عليه صحيحة، وأنه تغيَّب لئلا يدركه الحق.

وهذا يَرِد كثيرًا فيما إذا كسدت الأسواق، وضرَّت ببعض الناس، تجدهم لكثرة ديونهم لا يستطيعون مقابلة الناس، يهربون من مكان إلى مكان، فمثل هؤلاء ما نقول: والله دوله حاضرين ما نحكم عليهم ولا نسمع الدعوى عليه إلا بحضورهم، هذا فيه إضاعة للوقت.

قال: (وأتى ببينة لم تُسْمَع الدعوى ولا البينة).

وهذا واضح، كلام المؤلف واضح؛ لما قلنا؛ لأن إحضاره ليس بصعب ولا مُتَعَذِّر.

***

[باب كتاب القاضي إلى القاضي]

ثم قال المؤلف: (بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي).

(كتاب القاضي إلى القاضي) لا يعني به المؤلف أن يكتب القاضي إلى القاضي يقول: كيف حالك؟ ويش شأن الخصوم عندك؟ عسى ما هي كثيرة، عسى ما عليك تعب، ما يريد هذا؛ لأن هذا ما .. هو كتاب شخص إلى شخص، ما له تعلق بالقضاء، لكن كتاب القاضي إلى القاضي فيما يتعلق بالقضاء.

كتاب القاضي إلى القاضي له صورتان؛ الصورة الأولى: أن يكتب إلى القاضي فيما ثبت عنده ليحكم به القاضي المكتوب إليه، والصورة الثانية: أن يكتب إلى القاضي فيما حكم به ليُنَفِّذه، فهاتان صورتان.

الصورة الأولى: فيما ثبت عنده، عند مَن؟ عند الكاتب، ليحكم به مَن؟ المكتوب إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>