للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي دَلَّت عليه السنة، هو الذي دلَّ عليه ظاهر القرآن أيضًا؛ لأن الله عز وجل قال في القرآن: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨]، فتجد (لدلوك الشمس) يعني: من دلوك الشمس، لكن أتى باللام للدلالة على أن دخول الوقت علة في الوجوب، أي: سبب.

والدليل أن اللام هنا بمعنى (مِنْ) لكن عبَّر باللام من أجل بيان العلة؛ الدليل الغاية (إلى)، والغاية يكون لها ابتداء ولَّا لا؟ لها ابتداء كأنما قال: (من دلوك الشمس إلى غسق الليل)، لكن أتى باللام كما قلت إشارةً إلى أن دخول الوقت علة الوجوب؛ ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: إن الوقت سبب وشرط؛ سبب لوجوب الصلاة، وشرط لصحتها.

{لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} متى يكون غَسْقُ الليل؟ عند منتصفه؛ لأن أشدَّ ما يكون الليل ظُلْمَة في النصف، حينما تكون الشمس منتصفةً في الأفق من الجانب الآخر من الأرض، هذا غَسْق الليل.

إذن، من نصف النهار الذي هو زوالها إلى نصف الليل هذا جعله الله وقتًا واحدًا؛ لأن أوقات الفرائض فيه متواصلة أو مُتَّصل بعضها ببعض، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: الظهر يليه العصر يليه المغرب يليه العشاء، إذن ما بعد الغاية داخل ولَّا خارج؟

طلبة: خارج.

الشيخ: ما بعد الغاية خارج؛ ولهذا فصَّل فقال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} ففصَّل، وجعل الفجر مستقلًا، فدل هذا على أن الصلوات الخمس أربع منها متتابعة، وواحدة منفصلة، وهذا هو الذي تؤيده السُّنَّة أيضًا، بل السُّنَّة صريحة فيه، فالصواب إذن أن وقت العشاء إلى نصف الليل.

ولكن ما المراد بنصف الليل؟ هل الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، أو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؟

أما اللغة العربية: فكلاهما يُسَمَّى ليلًا؛ ولهذا تجد في القاموس يقول: إلى طلوع الفجر أو طلوع الشمس الليلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>