الفرق الثاني: أن الفجر الأول يُظْلِم، يعني: يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يُظْلِم، والفجر الثاني: لا يُظْلِم، بل يزداد نورًا وإضاءة.
الفرق الثالث: أن الفجر الثاني مُتَّصِلٌ بالأفق، ليس بينه وبين الأفق ظُلْمَة، والفجر الأول منقطع عن الأفق، يعني: بينه وبين الأفق ظلمة، هذه ثلاثة فروق بين حقيقة هذا وحقيقة هذا.
هل يترتب على الفجر الأول شيء؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعية أبدًا، لا إمساك في صوم، ولا حِلُّ صلاة الفجر، الأحكام مُرَتَّبَة على الفجر الثاني.
إذن:(إلى الفجر الثاني وهو البياض المعترض)، ما هو الدليل؟
أما الدليل على دخول وقتها: فهو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث جبريل، كلها تدل على أن وقت العشاء يدخل بِمَغِيبِ الشَّفَقِ الأحمر، أما انتهاؤه إلى الفجر الثاني فليس فيه دليل.
إلا دليلًا لا دلالة فيه هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى»(١١) قالوا: فهذا دليل على أن أوقات الصلاة مُتَّصِلَة.
فهل في هذا الحديث من دليل؟ ليس فيه دليل؛ لأن التَّفْرِيط أن يؤخِّر الصَّلاة حتى يَدْخُل وقت الصلاة الأخرى؛ يعني: فيما وقتاهما متَّصل؛ ولهذا لا يدخل فيه صلاة الفجر مع صلاة الظهر بالإجماع، فإن صلاة الفجر لا تمتد إلى صلاة الظهر بالإجماع، وإذا كان كذلك فالواجب الرجوع إلى الأدلة، إذا لم يكن في هذا دليل؛ فالواجب الرجوع إلى الأدلة الأخرى.
الأدلة الأخرى ليس فيه دليل يدل على أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر أبدًا، حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث جبريل كلها تدلُّ على أن وقت العشاء ينتهي عند منتصف الليل.