للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في الشرع: فالظاهر أن الليل ينتهي بطلوع الفجر، وعلى هذا نقول: نصف الليل من صلاة العشاء من مَغِيبِ الشمس؛ يعني: الليل الذي يُنَصَّف من أجل معرفة صلاة العشاء هو: من غروب إلى طلوع الفجر، فتُنَصِّف ما بينهما، وما بينهما هو آخر الوقت، هذا هو القول الراجح الذي لا تدل الأدلة إلا عليه، وأن ما بعد منتصف الليل ليس وقتًا لصلاة مفروضة، إنما هو وقت نافلة وتَهَجُّد.

قال: (وتأخيرها إلى ثُلُثِ الليل أفضلُ إن سَهُل).

الآن ليس عندنا دليل على أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، حينئذٍ يكون قول المؤلف مرجوحًا.

(تأخيرها إلى ثلث الليل أفضلُ إن سَهُل) فإن شَقَّ فتُعَجَّل في أول الوقت، أما إذا سَهُل فالأفضل تأخيرُها إلى ثلث الليل.

دليل ذلك حديثُ أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسْتَحِبُّ أن يؤخر من العشاء (٤)، وفي حديث جابر: إذا رآهم اجتمعوا عَجَّل، وإذا رآهم أبطؤوا أَخَّر (١٢)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه: تأخَّر ذات ليلة حتى ذهب عامَّةُ الليل، فقام إليه عمر فقال: يا رسول الله، رَقَدَ النساء والصبيان، فخرج ورأسُه يَقْطُر عليه الصلاة والسلام وقال: «إِنَّهُ لِوَقْتِهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» (١٣). فهذه أدلة واضحة على أن تأخيرها إلى ثلث الليل أفضل، ولكن إن سهل.

إذا كان إنسان يصلي بالناس في البلد، فهل التقديم أفضل أو التأخير؟ نقول: الأفضل مراعاة الناس، إذا اجتمعوا صلَّى، وإن أخروا تأخر.

إذا كانوا جماعة محصورين ولا يهمهم أن يُعَجِّلُوا أو يؤخروا فما الأفضل؟ التأخير.

إذن: النساء في بيوتهن الآن في مثل عصرنا هذا الأفضل لهن التأخير؛ يعني: لو قالت امرأة: إنها ستبقى مستيقظة إلى نصف الليل، فهل الأفضل أن تُصَلِّيَ العشاء مبكرة أو مؤخرة؟ نقول: الأفضل أن تؤخر، أما الرجال فسيصلون جماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>