واستثنى فقهاؤنا رحمهم الله في الكتب المطوَّلَة استثنوا قالوا: إن لم يوافها وقت الغروب، يعني: إن لم يَصِل إليها إلى مزدلفة وقت الغروب، شوف يعني: من ذاك الزمن في إمكان أن يصل الإنسان إليها وقت الغروب يعني: وقت المغرب، قالوا: فإن وافاها في ذلك الوقت صلاها في وقتها وبادر بها.
على كل حال يُسْتَثْنَى من هذه المسألة ليلة المزدلفة للحاج فلا يُسَنُّ له أن يُعَجِّل، بل لا يصلي حتى يصل إلى مزدلفة، ودليل ذلك ما أشرنا إليه آنفًا حديثُ أسامةَ بن زيد رضي الله عنه.
فإن قال قائل: لو تأخر في الطريق وخاف أن يَخْرُجَ وقت العشاء، فماذا يصنع؛ هل يؤخر الصلاة إلى أن يصل إلى مزدلفة وإن لم يُصَلِّ إلا الفجر، أو يصلِّي الصلاة في وقتها ولو على راحلته؟
الجواب: الثاني؛ يعني: إذا خاف خروجَ الوقت وجب عليه أن يَنْزِلَ فيُصَلِّي، فإن لم يمكنه النزول صلى ولو على ظهر راحلته.
ثم قال:(ويليه وقتُ العشاء إلى الفجر الثاني وهو: البياض المُعْتَرِض، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضلُ إن سهل)(يليه) يعني: يلي وقتَ المغرب وقتُ العشاء إلى طلوع الفجر على كلام المؤلف: (إلى طلوع الفجر الثاني، وهو: البياض المعترض)، وعلى هذا تكون صلاة العشاء أطول الصلوات وقتًا؛ لأنها تكاد تكون جميع الليل من خروج وقت المغرب إلى طلوع الفجر الثاني أيضًا.
الفجر الثاني قال:(وهو البياض المعترِض) في الأفق من الشمال إلى الجنوب.
وأفادنا المؤلف رحمه الله بقوله:(إلى طلوع الفجر الثاني) أن هناك فجرًا أول وهو كذلك، والفجر الأول يخرج قبل الثاني بنحو ساعة، أو ساعة إلا ربع، أو قريبًا من ذلك، وذكر العلماء أن بينه وبين الثاني ثلاثة فروق:
الفرق الأول: أن الفجر الأول مُمْتَدٌّ لا معترض؛ يعني: مُمْتَدٌّ طولًا من الشرق إلى الغرب، والثاني معترض من الشمال إلى الجنوب.